تهديد غانتس و"إسرائيل" "رجل المنطقة المريض"
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لو اكتفى وزير حرب كيان الاحتلال بني غانتس بالقول أن دمارا كبيرا سيلحق بلبنان في أي حرب قادمة ، لما كان كلامه موضوعا للتدقيق ، انطلاقا من أن القدرة النارية لجيش الاحتلال على إلحاق مثل هذا الدمار ، ليست موضع نقاش ، بل ما كان سيناقش هو المقارنة بين حجم الخسائر التي ستلحق بلبنان مقارنة بما سيلحق بكيان الاحتلال ، في ضوء تطور قدرات المقاومة ، خصوصا بعدما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن أن خسائر الكان في أي حرب قادمة ستزيد عن خسائر لبنان ، وهذا أول تصريح من نوعه بهذا المضمون يصدر عن السيد نصرالله ، الموصوف بدقة معادلاته ، وعدم سماحه الانفعال والحماس ان يدخل على صياغتها ، واعتماده في الحرب النفسية التي يخوضها على معادلات واقعية مدروسة بتحفظ شديد ، كما يصفه خبراء الكيان .
- كلام غانتس لا يأتي بعد عام 1982 والانسحاب الإسرائيلي من بيروت ، ولا بعد العام 2000 والانسحاب الاسرائيلي من لبنان ، بل بعد اختبار جيش الاحتلال فرضية امتلاكه قدرة الدرع الكافية لإلحاق الهزيمة بالمقاومة ، في حرب عام 2006 ، والفشل الذريع الذي مني به جيش الإحتلال في هذه الحرب ، ليس بمجرد الفشل في تحقيق هدف سحق حزب الله ، أو تجريده من قدرته الصاروخية كحد أدنى أول ، أو تطويقه بضوابط دولية رادعة محكمة تمثلت بمشروع نشر قوات متعددة الجنسيات في جنوب لبنان وفق الفصل السابع كحد أدنى ثان ، بل بالفشل المكلف الذي أصاب جيش الاحتلال في محاولة الدخول إلى الأراضي اللبنانية ، وهي مضمون الحرب البرية التي خاضتها أولية النخبة في جيوش البر والقوات المدرعة التابعة لجيش الإحتلال لأكثر من عشرين يوما من أيام الحرب الثلاثة والثلاثين ، بعدما فشل استنفاد القصف الجوي والبحري والبري فرصه في تحقيق وقف تساقط صواريخ المقاومة على عمق الكيان ، وكانت الحصيلة خسائر موصوفة دمرت خلالها عشرات الدبابات وقتل خلالها وأصيب مئات الجنود والضباط ، دون تحقيق أي اختراق جدي في خط الحدود ، وليس فقط في الوصول إلى المدن الحدودية كبنت جبيل ومرجعيون ، فكيف الحديث عن صور وصيدا …وبيروت !
- خلال السنوات التي أعقبت حرب 2006 امتلأت القراءات الإستراتيجية لمراكز الدراسات الإسرائيلية والأميركية ، بما فيها الحكومية منها ، ومثلها تصريحات كبار القادة السياسيين والعسكريين ، بالحديث المتكرر عن تعاظم قوة حزب الله ، بالتوازي مع الاعتراف بالفشل في امتلاك القدرة على احتواء هذا التعاظم ، سواء عبر الغارات التي تستهدف سورية ، او الرهان على تداعيات الحرب السورية ، او الاستثمار على تغيير البيئة السياسية اللبنانية ، والكلام عن مخاطر التورط في حرب جديدة تزامن مع نتائج أثبتتها مواجهات جيش الإحتلال مع قوى المقاومة في غزة ، قبل عام خلال معركة سيف القدس ، حيث فشل جيش الاحتلال في تحقيق الردع الموهوم ، وعجز قادته عن اتخاذ القرار المكلف بخوض حرب برية ، فكيف يستقيم القول عن أن هذا الجيش جاهز لخوض حرب يتجاوز فيها هدف استعادة المهابة ، ورد الإعتبار ، وتحقيق الردع للتهديد بالصول ، ليس الى بنت جبيل ومرجعيون ، بل الى صور وصيدا …وصولا الى بيروت ؟
- كلام غانتس سيصبح موضوعا للتندر والسخرية ، كما هو كلام وزير حربية السلطنة العثمانية أنور باشا قبيل الحرب العالمية الأولى ، عندما هدد بدخول موسكو ، كما يهدد غانتس بدخول بيروت ، والحرب بدأت بالمناسبة من بوابة مواجهة بحرية ، وكما كانت تركيا العثمانية قد أصبحت رجل أوروبا المريض قبل أن تسقط بالضربة القاضية ، يبدو كيان الإحتلال اليوم رجل المنطقة المريض ، في حالة النزع يهلوس ويروح عن النفس بالثرثرة .
2022-06-24 | عدد القراءات 1194