الكارثة قادمة ما لم تقم حكومة جديدة وتسارع العمل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يعرض كثيرون لعمر الحكومة القصير سببا للاستخفاف بما يمكنها وما يجب عليها فعله ، وما لا يجوز لها الا ان تفعله ، لأنهم لا يقيمون حسابا للجواب الذي يقدمه الواقع على سؤال من نوع ، ماذا سيحدث في مسار تفاقم الإنهيار خلال أربعة شهور ؟
- في أربعة شهور اذا تركت أمور البلاد لحالها ، سيكون أكيدا أن يواصل الدولار خطه التصاعدي فيقفز كل شهر عتبة جديدة حدها الأدنى خمسة آلاف ليرة ما يعني أن يبلغ مع نهاية الشهور الأربعة 50 ألف ليرة ، فهل يحتمل لبنان واللبنانيون هذا التصعيد الذي ينتظرنا واقعيا ؟
- في أربعة شهور سترتفع حكما أسعار المواد الأساسية بما يزيد عن نسبة تأثير ارتفاع سعر الدولار ، سواء بتأثير التفاقم في أزمتي الطاقة والحبوب وتأثير ذلك على أسعار القمح والنفط ، و استطرادا الخبز و إشتراكات مولدات الكهرباء واكلاف النقل ، وعموما سنكون أمام زيادة أسعار تزيد عن 100% .
- في أربعة شهور ستتحول رواتب الموظفين بفعل عاملي ارتفاع الدولار وانهيار القدرة الشرائية للرواتب ، إلى معادل ثمن صفيحة بنزين عندما يقارب سعرها المليون ونصف مليون ليرة ، فتتوقف عجلة الدولة وإداراتها وتنهار المؤسسات التربوية والصحية ، وتقفل مؤسسات خاصة تنازع البقاء ، ويخرج الناس الى الشوارع وينفلت حبل الأمن وتقع الفوضى .
- الذين ينامون على حرير الإنتظار ، ويقيسون قدرة البلد على التحمل بقدرتهم ، لا ينتبهون ان شعار الانتظار حتى تتم الإنتخابات الرئاسية ، قد يعني عمليا القرار بالذهاب الى الكارثة ، حيث احتمال أن تحول ظروف البلد دون انجاز الانتخابات ، بسبب الفوضى والفلتان الأمني ، وصعوبة جمع مجلس النواب ، إضافة للتسليم بأن الأمور بلغت حدا يفوق طاقة الإنتخابات الرئاسية على معالجتها .
- السؤال هو ماذا تستطيع حكومة الشهور الأربعة أن تفعل ، مشروع حكما ، انطلاقا من تجربة ما مضى ، فلماذا نتوقع أن تستطيع حكومة محكومة بعمرها القصير وبذات التوازنات التي رافقت سابقتها الشبيهة بها عموما ، ما لم تستطعه تلك ؟
- الجواب هو في برنامج مختصر وواقعي على مقاس الحكومة يأخذ بعين الإعتبار المعادلات التي تحكم حركتها ، وفي طليعته اقرار الموازنة العامة ومن ضمنها تعديلات الرواتب والأجور ، وإقرار الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي ليس لأنها عصا سحرية ، وهي ليست كذلك حكما ، بل لأن الرقم الضئيل لمساهمة الصندوق قياسا بحاجة لبنان لا يمنحه فرصة تفاوضية لفرض شروط تفجيرية على لبنان ، ويتيح بالمقابل فتح الطريق لخلق مناخ ايجابي لوضع خطط الخروج من الأزمة المالية والمصرفية ، بجواز مرور دولي ، على السكة ، انطلاقا من خطة هيكلة القطاع المصرفي ، وتوزيع الخسائر كما أقرها الصندوق ، أي كما أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب ، وانتفض عليها تحالف نيابي مدعوم من كل من مصرف لبنان وجمعية المصارف وكبار المودعين .
- الجواب بوضع أولوية إنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية فوق الطاولة ، وفق ما توصل اليه التفاهم الرئاسي ، وفي طليعته ربط العودة للمفاوضات بوقف استخراج الغاز من جانب الكيان من حقول بحر عكا ، ووضع قرار البدء بالتنقيب في حقل قانا على الطاولة ، وتوفير التغطية السياسية اللازمة لاستحضار معادلة الردع التي تمثلها المقاومة ، لضمان التجاوب مع شروط الحد الأدنى المقبولة لبنانيا .
- الجواب ببدء خطة للكهرباء تستفيد من الحاجة الأميركية لتظهير دور الوسيط المقبول في الترسيم عبر رفع الحظر عن جر الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سورية لرفع ساعات التغذية ، والإسراع لتلزيم استثماري لمشروع توليد الكهرباء مع تأمينها حتى تجهز المعامل ، واعطاء الأفضلية لمن يضمن السداد بالليرات اللبنانية ، ومثلها لمصافي النفط والغاز سواء في الزهراني او في طرابلس ، بغض النظر عن جنسية الشركات العارضة .
- الجواب بتجديد وتطوير الاتفاق مع العراق ، سواء لتوريد كميات من الفيول ، أو لوضع خط نقل النفط من كركوك الى طرابلس عبر سورية ، بالاستفادة من سابقة جر الكهرباء والغاز ، ومعلوم حجم الفائدة الاقتصادية لهذا الأنبوب للبلدين .
- إن حكومة جديدة ، ولو مثلت امتدادا عبر رئيسها و اغلبية اعضائها للحكومة السابقة ، تستطيع اذا توافرت ارادة سياسية بالحد الأدنى من الشعور بالمسؤولية أن تمنع تفاقم عناصر الإنهيار ، بل بدء مسار السيطرة على هذا الإنهيار ، وتوفير المناخات المطلوبة لمقاربة استحقاق رئاسة الجمهورية في ظروف تتيح تحوله إلى نقطة بداية لمسار النهوض .
2022-06-25 | عدد القراءات 1167