لغة التسوية ولغة المواجهة والتخوين
كتب ناصر قنديل
- عندما تستمع لفريق لبناني قرر منذ سنتين رفض لغة التسوية في الداخل اللبناني ولا يزال يعتبر أن اللغة الوحيدة التي يقبل بها هي لغة المواجهة ، تتوقع أن يكون هذا الفريق أشد عنادا و ثباتا وتمسكا بلغة المواجهة نفسها عندما يتصل الأمر بخلاف مع الخارج ، خصوصا عندما يصرح هذا الخارج بأنه يحاصر لبنان ويتحمل مسؤولية منع تزويد لبنان بالكهرباء من الأردن والغاز من مصر ، كما هو حال الأميركي ، فكيف عندما يكون الخلاف مع خارج آخر هو من يرفض هذا الفريق التشكيك باعتباره له عدوا ، ويصف كل تشكيك بالتخوين ، ورغم اصراره على انه عدو يختار طريق التسوية لحل الخلاف معه ، ورفض لغة المواجهة ، واعتبارها تخريبا على المصلحة اللبنانية ، كما هو الحال في قضية حقوق لبنان في النفط والغاز .
- هذا السلوك يدل فكريا على انفصام يعيشه أصحابه في منهج التفكير ، ويدل على ضياع معيار الهوية الوطنية لديه ، لكن الأخطر هو أن هذا التباين بين اختيار اللغتين ، لغة المواجهة ولغة التسوية ، نحو الداخل ونحو الخارج المعتدي على الحقوق ، ينسجم مع ما يريده هذا الخارج نفسه في منع أي إجماع وطني لبناني حول حقوق لبنان ، ومنع تشكل وحدة لبنانية تضغط على هذا الخارج الأميركي والإسرائيلي وتلوح بلغة المواجهة ، من موقع اعتماد لغة التسوية داخليا لحل الخلافات أو ادارتها ، فيصير هذا الفريق مجرد امتداد لموقف الخارج الذي يريد انقساما لبنانيا بدل الوحدة ، وتصعيدا وتوترا بين اللبنانيين بدل السلام الداخلي ، وتكريس الانقسام والتوتر لفرض التنازلات عن الحقوق بالاستناد اليهما ، وهذا معنى تسويق لغة التسوية مع الخارج المعتدي على الحقوق كجزء من التبعية للخطاب الأجنبي .
- التدقيق قليلا في مواضيع الخلاف الداخلي التي ترفض حولها لغة التسوية ، ويجري الإصرار على اعتماد لغة المواجهة بصددها ، يكشف ما هو أخطر ، فالقضايا الخلافية تنحصر بالموقف من المقاومة وسلاحها ، وهي بالتحديد القضية التي يكرس الخارج المعتدي على الحقوق كل جهده لمواجهتها ، والأنكى أن أصحاب هذه المواقف بنزعجون عندما يقال لهم انهم مجرد أبواق لهذا الخارج ، ويرفعون أصواتهم برفض التخوين .
- اللبنانيون يفاوضون الاسرائيلي على ترسيم الحدود بوساطة أميركية ، بينما الأميركي هو نفسه الذي يحتجز كهرباء لبنان رهينة لمقايضتها بشروطه للترسيم ، ورغم ذلك بين اللبنانيين من يملك وقاحة القول أنه يرفض تفاوض اللبنانيين فيما بينهم ، سواء على تشكيل حكومة ، أو على ادارة أزماتهم ، أو حتى حول قضايا الخلاف بينهم .
- الأنكى أن هناك من يملأون الشاشات ويطلق عليهم أسماء خبراء ومحللين ومثقفين يروجون لهذه اللغة العمياء الصماء ال بلا روح وبلا اخلاق ، في بلد ينهار !
2022-07-02 | عدد القراءات 1218