قمة بوتين رئيسي أردوغان : الأسد المنتصر
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- غالبا ما كانت الدولة السورية تتعرض لضغوط مواطنيها في الشمال مطالبة بعمل عسكري ينهي الاحتلال الأميركي والاحتلال الأميركي ومشروع الكانتون الكردي الذي تقيمه قوات قسد ، وكان كثيرون يذهبون للتحذير من خطورة أن تكون صورة تقاسم جغرافيا الشمال السوري نهائية ، وتعني تحول وحدة التراب السوري الى شيئ من الماضي ، بينما كان كثيرون يرمون سهام الإتهام على حلفاء سورية ، روسيا وإيران ، بسبب علاقاتهما الجيدة مع تركيا ما يتيح اتهامهما بالتردد في دعم أي عملية عسكرية سورية نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا ، وبالمثل لعلاقاتهما الجيدة بقوات قسد التركية ، واعتبار هذه العلاقة سببا لتردد مماثل ، بينما كان كل من القيادتين التركية والكردية يتقاسمان عدم الوفاء بالتعهدات ، وتطبيق التفاهمات ، ويواظبان على الخداع ، فكلما اشتدت الضغوط العسكرية يبديان الإستعداد السياسي الإيجابي ، ثم لا يلبثان يعودان إلى لغة المماطلة و أسلوب الخداع والتنصل من الالتزامات .
- خلال الأيام القليلة الماضية ، وبينما الأجواء السائدة محكومة بالإعلان التركي عن اكتمال الاستعدادات لعملية عسكرية كبيرة شمال سورية ، مرة تحت ذريعة ضرب الجماعات الكردية التركية المناوئة ، ومرة تحت عنوان ضمان منطقة آمنة لعودة النازحين المقيمين في تركيا ، دخل الجيش السوري بلدة منبج الواقعة تحت سيطرة الميليشيات التابعة لقسد ، والمرشحة لتكون أول أهداف العملية العسكرية التركية ، وبلغ عدد البلدات والمدن والقرى التي انتشر فيها الجيش السوري ، بما فيها تل رفعت ، أكثر من عشرين ، وتجري الاستعدادات المتسارعة لتوسيع حجم الإنتشار ليشمل المزيد ، بينما تتجه المزيد من الحشود العسكرية للجيش السوري شمالا مزودة بالأسلحة الثقيلة .
- يجري ذلك عشية انعقاد القمة الثلاثية الروسية الإيرانية التركية في طهران ، التي تستضيف القمة التي ستجمع الرؤساء فلاديمير بوتين والسيد ابراهيم رئيسي ورجب أردوغان ، وقد سبقتها تحضيرات ومشاورات ورسائل متبادلة ومبادرات ، منذ إعلان الرئيس التركي محاولا الاستفادة من حرب أوكرانيا ، عن نيته بتوسيع نفوذه داخل الأراضي السورية ، وكانت أولى المواقف هي القرار الذي اتخذته الدولة السورية بالتصدي العسكري لهذه العملية التركية ، بمعزل عن كيفية تفاعل الميليشيات الكردية من جهة ، وحدود قدرة الحلفاء على اتخاذ مواقف داعمة من جهة أخرى ، وقد أبلغت سورية القيادتين الروسية والإيرانية بموقفها ، كما أبلغت قيادة قسد أن قوات الجيش السوري ذاهبة الى الحدود لمنع التوغل التركي ، وسنتصدى لكل من يقف في طريقها .
- تبلور الموقف الروسي الإيراني المشترك الذي تبلغته سورية بالوقوف معها في قرارها ، وتمت صياغة موقف سياسي استراتيجي مشترك عنوانه ، مسار استانة سيسقط مع انطلاق العملية العسكرية التركية ، وتبلغت القيادة التركية بذلك ، وبدأت مبادرة روسية وأخرى إيرانية لبلورة مسار سياسي سوري تركي ، يضع الإعتبارات السيادية السورية أولا ، حيث الإلتزام التركي بالانسحاب العسكري من الأراضي السورية ، واعتبار اتفاق أضنة أساسا لتنظيم الوضع عبر الحدود ، كما تبلغت قيادة الميليشيا الكردية موقف كل من روسيا وإيران ، بأن انتشار الجيش السوري وحده يمثل ضمانة تجنيب مناطق سيطرة هذه الميليشيات وسكانها مخاطر الحرب ، وبدأت المساومة التركية التقليدية على جوائز ترضية ، سواء في تولي ملف تجارة الحبوب الأوكرانية ، أو الإتفاقيات التجارية التركية الإيرانية و الروسية في مجال الطاقة وأسعار الغاز الذي يشكل أعلى فاتورة تركية بالعملات الصعبة ، واحتمالات تسديدها بالعملة المحلية .
- قمة طهران نقطة تحول في مسار الوضع شمال سورية ، حيث الصبر الإستراتيجي ، والتربص عند المنعطفات ، والمصداقية في التحالفات ، عناصر منحت سورية فرصة ان تكون المنتصر الذي يخرج رابحا في جغرافيا يتقاسمها الإحتلال التركي والاحتلال الأميركي ، لتعود وحدة سورية وسيادتها في المقدمة مجددا .
2022-07-18 | عدد القراءات 1412