دروس لبنانية من زيارة بايدن
كتب ناصر قنديل
- أظهرت زيارة الرئيس الأميركي الى المنطقة حجم التماهي الأميركي الإسرائيلي في كل شيئ ، من الإستيطان إلى القدس والتطبيع ، وبقاء اكذوبة حل الدولتين بلا معنى وكما قال بايدن بعيدة المنال ، وتتويجا بكلام بايدن وتباهي بايدن بكونه صهيونيا واطلاقه معادلة ، ليس ضروريا ان تكون يهوديا كي تكون صهيونيا ، لنسأل هل هذه هي أميركا التي يدعونا البعض للتعويل على صدق وعودها مع لبنان ؟
- القضية التي ينتظر البعض تدخلا أميركيا فيها ينصف لبنان بنيل حقوقه ، تتصل بحقوق عالية القيمة والأهمية يغتصبها كيان الإحتلال ، بينما في قضية أقل قيمة وأقل ارتباطا بمصالح الإحتلال المباشرة مثل قضية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية ، وإسرائيل غير متضررة من تلبية لبنان بل ربما ما قد تكون صاحبة مصلحة ضمنية ، إذا قبلنا فرضية أن الكهرباء الأردنية تنتج بغاز تقبض ثمنه "إسرائيل" ، وأن بعض الغاز المصري كذلك ، ولا زلنا نطارد الوعود الأميركية منذ سنة وهي تهرب أمامنا بالتمييع والمماطلة ، فكيف وأن ما يتصل بحقوق لبنان يستدعي الضرب على يد "إسرائيل" وينظر قادتها كل ما سيناله لبنان هو بمثابة مد اليد إلى جيوبها لحساب لبنان ؟
- ظهرت خلال الزياة حالة تجرؤ جماعة الأميركي الأقرب والأشد تبعية له في المنطقة ، والذين نفذوا طلباته فيما مضى بصورة عمياء ، ويقيمون كل أنواع العلاقات مع كيان الاحتلال ، ويتاجرون بكل القضايا والعناوين ، لكنهم يستشعرون التراجع الأميركي ، والحاجة لمراعاة مصالحهم بقول لا للأميركي حيث تتعرض هذه المصالح للخطر ، خصوصا في ما جاء يطلبه بايدن ، في إحداث نقلة عسكرية علنية للتعاون بين دول المنطقة التابعة للهيمنة الأميركية وكيان الإحتلال وقد بقي يروج بايدن للفكرة ويسوقها قبل مغادرة واشنطن وخلال وجوده في فلسطين المحتلة ، ولما وجد هؤلاء الذين يقول تاريخهم بالتبعية العمياء لواشنطن ، أن طلباته تعرض حكوماتهم لخطر استفزاز إيران وقوى المقاومة أنكروها .
- في قضية مطالبة بايدن بضخ المزيد من النفط في الأسواق ، وقد جعلها بايدن عنوانا محوريا لرحلته الخليجية ولرهانه الإنتخابي عليها ، لكنه عاد منها خالي الوفاض ، لأن مصالح هذه الحكومات تتناقض مع ما يطلبه بايدن ، والقصد بالمصالح هنا ليس الجانب المالي منها ، الذي طالما كانوا يضعونه بتصرف الحكومات الأميركية ، بل السعي لتجنب استفزاز روسيا والصين ، وقد خطت هذه الحكومات خطوات انفتاحية عليهما قناعة منها بعدم وجود مصلحة بوضع بيضها في السلة الأميركية وحدها ، وتكررت عبارة ، تعدد خيارات الشراكات على لسان أكثر من مشارك في القمة الخليجية .
- السؤال هو لماذا يتفرد بعض المسؤولين اللبنانيين بهذه التبعية العمياء ويطلبون من اللبنانيين وضع معادلة التخلي عن كل شيء بذريعة عدم إغضاب أميركا ، بينما أقرب حلفائها إليها بدأ يقيم حساب المصلحة مبتعدا عن ارضائها عندما تقتضي مصلحته ذلك ، وما دامت الخلفية هي الشعور بالضعف الأميركي وصعود قوى جديدة في العالم والمنطقة فلماذا يطلب من اللبنانيين أن يغلقوا عيونهم عن كل هذه الحقائق والتصرف كأن الطلبات الأميركية هي تعاليم سماوية وأوامر إلهية ، حتى لو كان ثمنها التفريط بكل مصلحة لبنانية ؟
2022-07-18 | عدد القراءات 1669