حكاية الودائع والمودعين
كتب ناصر قنديل
- لا ذنب للموظفين الذين تعرضوا للاحتجاز في أحد المصارف ، وعاشوا رعب اللحظات ، بمثل ما أن لا ذنب للمودعين الذين استفاقوا ذات يوم ليكتشفوا أنهم غير قادرين على الوصول إلى أموالهم ، التي شكلت خميرة العمر ، وظنوا أنهم وضعوها في أشد الأماكن أمانا ، أكثر أمانا من بيوتهم أو أي مشاريع توظيف .
- يدفع الذين لا ذنب لهم فاتورة المذنبين ، تماما كما عندما يتقابل المتظاهرون ورجال الشرطة ، ويقذفون بعضهم بالحجارة ويلحقون الأذى ببعضهم ، بينما صاحب القرار الذي يحتج عليه المتظاهرون ويحميه رجال الأمن ، لا يكترث لما يجري ، وبالأمس كان صاحب القرار المالي من رئيس الحكومة إلى وزير المال وحاكم المصرف ورؤساء المصارف ومدرائها ، يتفرجون ويتابعون كسائر اللبنانيين ، ما يجري على شاشات التلفزة .
- منذ ثلاث سنوات وقعت الكارثة ، وتوقفت المصارف عن الدفع ، وتحولت الودائع إلى مجرد بطاقة تسول تخول صاحبها الحصول على بضعة مئات من الدولارات شهريا ، حتى لو كان حسابه بمئات الآلاف كحال المودع بسام حسين الشيخ .
- منذ ثلاث سنوات وحزب المصارف يخوض حربا للسطو على موجودات الدولة بديلا لديونه على الخزينة ومصرف لبنان ، وهي ودائع اللبنانيين ، متجاهلا ان المصارف حققت ارباحا من هذه الديون الهالكة تقارب خمسين مليار دولار على مدى عشرين عاما ، وهي تعلم أنها ديون لن تسدد ، وتقاسمت الأرباح وحولتها الى الخارج ، وفق معادلة الربح لأصحاب المصارف والخسارة على المودعين ، بدلا من أن تعترف بمسؤوليتها وتتقاسم المسؤولية مع مصرف لبنان والدولة ، للخروج بخطة سريعة ترسم خارطة طريق تقول للمودعين ، أن ودائعهم بخير ، وأنهم سوف يستعيدونها بجدول زمني معلن وبطرق محددة .
- ثلاث سنوات والكل هارب من المسؤولية ، فلا الحكومة تريد حسم موقفها بما لا يفرح المصارف ومصرف لبنان ، وكل منهما لا يريد الخروج حاملا أي مسؤولية عن صناعة الأزمة ، حتى ضاق صبر المودعين ، وبدأت الانفجارات تتوالى ، وما شهدناه ليس إلا بداية فوضى ستعم البلد وربما لا تنتهي بلا خسائر في المرة القادمة .
- هل وصلت الرسالة الى المعنيين لادراك اننا عشية حرب اهلية من نوع آخر ، يقتل فيها الذين لم يرتكبوا ذنبا من لم يرتكبوا ذنبا ، ويفلت فيها المذنبون من العقاب ، لكنهم قد يحترقون مع قصورهم وأموالهم ومؤسساتهم في لحظة الغضب الكبير ؟
2022-08-12 | عدد القراءات 1194