بين الحسين وزوال "إسرائيل" …ماذا عن العام 2039 ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- بعيدا عن الحديث عن رؤية غيبية ، ثمة حقائق تبدو حاضرة في أي مناقشة عقلانية لمشهد الصراع بين قوى المقاومة ومحورها ، حيث لحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله موقع قيادي حاسم ، من جهة ، وكيان الاحتلال وجيشه من جهة مقابلة ، أول هذه الحقائق ما رافق إحياء حزب الله من خارج السياق لذكرى اربعين عاما على التأسيس ، للخوض في خطاب يضع تعبئة القوى وحشد الإمكانات للمواجهة الفاصلة مع الكيان في أولى الأولويات ، ويرفع مكانة فلسطين الى المجاهرة بكونها الهدف ، وليس فقط حماية لبنان وتحرير أرضه وثرواته ، وثاني هذه الحقائق التأكيد على اعادة ربط هذه المسيرة التحريرية بذكرى عاشوراء وسيرة الامام الحسين كنقطة تأسيس عقائدية لفكر المقاومة الإسلامية في لبنان ، وثالث هذه الحقائق أن مسارا تصاعديا يشهده العالم لصالح القوى المناوئة للهيمنة الأميركية يقوده ثلاثي روسيا والصين وإيران ، وأن القوى المقابلة من أميركا إلى أوروبا في حال تراجع وارباك ، بينما في المنطقة تفوق تصاعدي لصالح قوى المقاومة ، مقابل تراجع وتفكك القوى المناوئة ، وفشل كيان الاحتلال رغم الدعم الأميركي باعتلاء منصة قيادة المنطقة أمنيا واقتصاديا وسياسيا ، كما تقول قمة جدة وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة ، رغم مشاريع التطبيع التي يتراجع وهجها ، وتفتقد الدعم الشعبي كما تقول الاحصاءات الأميركية .
- تقول معركة غزة الأخيرة ، أن ما مثلته معركة سيف القدس قبل عام في ميزان المواجهة ثابت ويتعزز ، وتقول معركة ترسيم الحدود البحرية للبنان أن المقاومة تنتقل من توازن الردع ، الى تسييل فائض القوة لانتزاع مكاسب ، أي الإنتقال من التوازن الاستراتيجي إلى التفوق الاستراتيجي ، وهذه المسارات الدولية والإقليمية ، وما يرتبط منها بالصراع بين قوى المقاومة وكيان الإحتلال ، ترسم خطا بيانيا لقوس صاعد لصالح قوى المقاومة وقوس نازل لكيان الاحتلال ، يواكبهما قوس صاعد لمناوئي الهيمنة الأميركية وقوس نازل للمتمسكين بها ، وبقياس ما شهده العالم منذ عام 1990 ، عندما تسيدت أميركا على العالم قطبا أحاديا حاكما مهيمنا ، وكيف تم استهلاك الطاقة الحيوية لهذا الصعود خلال خمسة عشر سنة وبدأ التراجع منذ الفشل في حربي العراق وأفغانستان ولاحقا الفشل الاستراتيجي في حرب تموز 2006 ، و تحول الخمسة عشر سنة اللاحقة إلى مساحة لنهوض معاكس دوليا ، شهد صعودا متزايدا في حضور القوى املناوئة وامتلاكها زمام المبادرة مع التموضع الروسي في سورية عام 2015 وصولا للحرب في اوكرانيا عام 2022 ، يمكن ملاحظة مسار أشد قوة في المنطقة في مواجهة كيان الاحتلال خلال السنوات العشر الأولى وما تلاها ، فبدأ التحول مع تحرير جنوب لبنان عام 2000 و توج مع تحرير غزة عام 2005 وصولا لنصر تموز 2006 ، الذي شكل نقطة التقاطع بين التحول الدولي والتحول الإقليمي .
- من الواضح أن تسارع المعارك ومواعيدها سيزداد ، لكن من الواضح انها ستؤدي الى تراكمات في مسار موازين القوى لصالح المقاومة وأطرافها الفلسطينية واللبنانية والإقليمية ، كمثل نشوء مناطق محررة في الضفة الغربية تشبه غزة ، و امتلاكها قدرات ردع متصاعدة ، لكن المعركة الفاصلة مع كيان الاحتلال التي يمكن التحدث عن فرصة زوال الكيان خلالها تبدو متأخرة ، عبر سياق مواز لما مضى بالقياس والنسبة والتناسب ، لخمسة عشر سنة يحتاجها القوس الصاعد والقوس النازل ليلاقي أحدهما الآخر في الحرب الفاصلة ، وتبدو المقاومة ماضية في الاستعداد لها ، ان جاءت قبل ذلك بفعل حماقة من الاحتلال ، أو مصادفة سعيدة مثل تحول في وضع مصر او تركيا او الخليج لصالح خيار المواجهة مع الكيان ، لكن سقف الخمسة عشر عاما يبدو من الزاوية المنطقية سقفا للحظة التصادم ، يصعب انتظار ما هو أبعد منه ، بالنسبة للمقاومة ، ويصعب على الكيان ان يصمد أكثر منها .
- عام 2039 يصادف العام 1461 هجري ، أي مرور 1400 سنة على استشهاد الإمام الحسين ، فهل ستجد المقاومة إحياء للذكرى أعلى مرتبة من جعل القدس ساحة المناسبة ؟
2022-08-13 | عدد القراءات 1095