14 آب والمعادلة الذهبية : كان الشعب حاضرا
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لا حاجة لتقديم الأمثلة الحسية على مكانة الضلع الأول في المعادلة الذهبية للتحرير والحماية ، القائمة على ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة ، فالشعب لم يكن مجرد بيئة حاضنة ترفد المقاومة بالمقاتلين من أبنائها ، وتتحمل التضحيات والتبعات التي يرتبها الاحتلال على البلدات والقرى ، بل كان الشعب شريكا كاملا في صناعة نصر التحرير ونصر الردع والحماية ، وشاهد الانتفاضات الشعبية التي شملت عشرات البلدات والقرى واشتبك خلالها الرجال والنساء والأطفال والشيوخ وجها لوجه مع قوات الإحتلال ، يشكل جزءا عضويا من سيرة التحرير الممتدة من العام 1982 حتى العام 2000 ، وفيها ملاحم بطولية كتبها الشعب في ساحات المواجهة تحاكي بطولات المقاومين في ميادين القتال .
- في حرب تموز صمد الشعب وراء المقاومة ، وكانت لوحات الصمود الممتدة من خطوط المواجهة التي قاتل عندها المقاومون ، حيث بقيت عائلات كاملة لتوفر لهم الطعام والإيواء وتواكبهم بالدعاء ، وكانت مئات الآلاف من الذين هجرهم الإحتلال خلال العدوان نموذجا للصلابة والتماسك والأخلاق في التصرف طيلة فترة التهجير ، فعجز كل من تربصوا بالمقاومة عن اثارة امتعاض أو احتجاج أو اعتراض او حتى مجرد تذمر ، يجد طريقه لطعن المقاومة في ظهرها ، حتى عبر منظمو استطلاعات الرأي عن ذهولهم من درجة التماسك بين هذه الحشود من المهجرين ومقاومتهم ، التي يفترض أنها كانت سبب تهجيرهم ، وفقا للرواية التي أريد منهم تصديقها .
- في 14 آب كان اليوم المشهود الذي خرج فيه الشعب الى الميدان ليصنع شراكته الحاسمة في النصر ، فقد كانت الرؤية الأميركية التفاوضية تقوم على تسلسل لتطبيق القرار 1701 وفق تراتبية تبدأ بإنهاء انتشار الأعداد الجديدة من القوات الدولية ثم انضمام القوى الجديدة من الجيش اللبناني إليها ، تحت شعار أولوية التخلص من الألغام والقنابل العنقودية التي نثرها الإحتلال بعشرات الآلاف خلال الأيام الأخيرة للعدوان ، تنفيذا لنصيبه من الخطة المرسومة ، وكانت الحكومة التي يترأسها فؤاد السنيورة شريكا في الخطة ، وكانوا جميعا مطمئنين إلى أن هذا الترتيب سيكون سلسا خلال التطبيق ، بما يتيح التحكم بالمنطقة الممتدة من نهر الليطاني حتى الحدود ، وضبط العودة إليها ووضعها تحت السيطرة والعين المفتوحة ، بعد انجاز تعقيم المنطقة من أي تواجد لسلاح المقاومة ومخازن ومنصات الصواريخ ، ليتبعها التحكم والسيطرة على كل مراوح العودة السكانية ، التي خطط السنيورة لجعلها مراحل تتناسب مع عمليات اعادة الاعمار الطويلة ، وتحويل المهجرين الى كتلة من الفقر والجوع والتسول .
- جاء 14 آب ، وكان النداء المشترك لرئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، لأبناء الجنوب للعودة الفورية المليونية الى القرى والبلدات ، يعبرون الجسور المدمرة ، والطرق المنسوفة ، يخاطرون بين القنابل والألغام ، ويواجهون خطر القنابل العنقودية ، ويفرضون حضورهم في ميدان الإثبات بأن الأرض تعود إلى أهلها كما يعود الأهل إلى أرضهم ، وكان الطوفان العظيم المقدس ، والمشهد الذي تقشعر له الأبدان ، عائلات كاملة تحملها شاحنات وجرارات زراعية ، وسيارات محملة بأضعاف طاقتها على الحمل ، ودراجات نارية تحمل عائلة واثاث منزلها ، ومشاة يعبرون الطرق مشيا على الأقدام يحملون على رؤوسهم وظهورهم ما يكفي للعيش في العراء قرب منزل مدمر ، وخلال يوم واحد كان الملحمة التي حسمت النصر وأسقطت خطة غونداليزا رايس وفؤاد السنيورة .
- استحق الشعب بجدارة منزلته الأولى في معادلة النصر الذهبية ، الشعب والجيش والمقاومة ، بمثل ما استحقها الجيش و استحقتها المقاومة .
2022-08-15 | عدد القراءات 1226