"بكائيات توافقية" للذين قالوا "إن الحل بالإنتخابات" نقاط على الحروف ناصر قنديل

"بكائيات توافقية" للذين قالوا "إن الحل بالإنتخابات" 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- من يسمع الخطاب السياسي لحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وعدد من النواب "الثوار" ، هذه الأيام يفترض انه يستمع لمن كانوا يدعون للتوافق بين المكونات السياسية ، ويقولون بلا جدوى زرع الأوهام حول الإنتخابات النيابية ومعادلات الأكثرية والأقلية ، وأنه يستمع لمن كان يقول إن الدعوة لرئيس جمهورية يمثل فريقا سياسيا لا تنسجم مع الطابع التعددي للبنان  ، وان هذا الاستحقاق يستدعي التشاور بحثا عن شخصية جامعة ، يمكنها لعب دور الحكم الذي ارتضاه اللبنانيون في توصيف دور رئيس الجمهورية ، ويعتقد أنه يستمع لأطراف وشخصيات وقوى دأبت على السعي التوافقي وأدمنت الخطاب التصالحي ، وأن حزب الله الذي يهاجمونه صبحا ومساء أصر على الاحتكام للإنتخابات مستقويا بشعبيته ، لفرض إرادة  سياسية ومشروعا رئاسيا عبر الاحتكام لمنطق الأكثرية ، وأن حزب الله هو من عطل البلد سنوات ، وهو يقول لا مبرر لحكومة ولا لعمل سياسي حتى تأتي الإنتخابات وتقول الكلمة الفصل بين رابح وخاسر ، على قاعدة الثقة بنيل الأكثرية باعتبارها مدخلا لانتخابات رئاسية تكرس نتائجها ، وتحاصر الخصوم .

- الذي حدث هو العكس تماما ، القوات و الكتائب و " الثوار" طبلوا رؤوس اللبنانيين خلال سنوات وهم يرفضون اي بحث بحلول للأزمة الإقتصادية ، وأي بحث بحكومة جديدة ، وكان شعارهم الإنتخابات هي الحل ، وعندما جاءت الإنتخابات سارعوا لرفع شارة النصر وإعلان الفوز بالأكثرية ، وعندما جاء امتحان تظهير الأكثرية وفشلوا قالوا إن الخلل التنسيقي هو السبب ، لكنهم اليوم على أبواب الإنتخابات الرئاسية ، وبعدما صار محسوما أمر  تشتت شملهم ، بدأوا باللطم التوافقي وبكائيات الشراكة  ، يحذرون حزب الله من فرض إرادته في الاستحقاق الرئاسي ، والكتائب التي اختبرت مرتين معنى فرض الإرادة في الاستحقاق الرئاسي بالتهديد باغتيال النواب ، تعرف انها تتحدث عن شيء آخر عما فعلته سابقا عند الحديث عن الفرض ، فهي تقصد بالفرض الانتخابات ، والانتخابات فقط ، لأن الصورة التصويتية للأكثرية الوهمية سوداوية جدا .

- جاءت انتخابات رئاسة المجلس النيابي قبل شهور لتقول لأصحاب بكائيات الانتخابات هي الحل ، أن النقلة الحالية التي يقوم بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد تفتح الطريق لانتخاب رئيس للجمهورية بذات التصويت ، اي تأمين ال65 صوتا لمرشح يؤيده الثنائي حركة أمل وحزب الله ولا يحظى بتأييد التيار الوطني الحر ، وتسانده أصوات جنبلاط وعدد من النواب المستقلين ، بينما يعجز خصوم الثنائي عن تعطيل النصاب إلا إذا تحالفوا مع خصمهم اللدود التيار الوطني الحر ، بعدما أظهرت انتخابات أمانة سر مجلس النواب ان سقف قدرتهم التصويتية معا هو 38 صوتا ، أي أقل من الثلث المعطل للنصاب البالغ 43 صوتا ، وأن احتمال فوز مرشح يتفق عليه الثنائي مع التيار الوطني الحر ، دون تصويت جنبلاط ، يبقى قائما أيضا بتكرار سيناريو انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب او امين السر آلان عون ، ولا يمكن استبعاد احتمال توافقي أوسع مدى يشمل التيار الوطني الحر وجنبلاط أي يجمع تصويتي بري وبو صعب فينال 85 صوتا .

- تأكد دعاة الإنتخابات أولا من عجزهم عن تعطيل النصاب ، بعدما تأكدوا من فشل مشروعهم لتجميع أكثرية كافية لطرح مرشح رئاسي يمثلهم ، فبدأوا البكاء واللطم ، بدلا من الإعتراف بالحقيقة التي طالما نادى بها حزب الله ، وهي التوافق والتشاور طريقا وحيدا لإدارة البلد واستحقاقاته ، والغريب العجيب أنهم بأقلية أقل من قدرة تعطيل نصاب يريدون رئيسا على مقاسهم عنوان عهده العداء لحزب الله ، وهم يقولون ان حزب الله  أوفر حظا منهم بالقدرة على تكوين أغلبية ، وينسون أن السبب هو الصدق ، والانفتاح ، والتخلي عن لغة الفرض ، وتقبل الشراكة ، وانهم اعداء للتوافق وأعداء للديمقراطية أيضا .

2022-08-18 | عدد القراءات 981