لماذا يتهربون من الرد ويهربون من التحدي ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- ليسوا مجهولين الذين قالوا إن حزب الله إيراني وليس حزبا لبنانيا ، فكلام البطريرك بشارة الراعي وحزب القوات اللبنانية يكفي ليكشف أن قوى وازنة ومرجعيات لها مكانتها في لبنان ، وصلت حدا غير مسبوق في الطعن بلبنانية حزب الله ، والقول انه مجرد قوة إيرانية ، وطبعا ليس القصد أن هناك من يحملون الجنسية الايرانية هم الذين يتشكل منهم حزب الله ، وقد نال في الإنتخابات النيابية أعلى رقم من الأصوات التفضيلية التي نالها أي حزب آخر ، محققا رقم 335 ألف صوت أي أكثر من مجموع الأصوات التفضيلية التي نالها معا كل من حزب القوات و حزب الكتائب وما يسمى بنواب التغيير ، بقرابة 30 ألف صوت ، لكن يمكن القول أن المقصود هو أن حزب الله يخدم السياسة الإيرانية على حساب لبنان ، وأنه يضع المصلحة الإيرانية أولا ولو اقتضى الأمر التضحية بالمصلحة اللبنانية ، وللتذكير ، يدأب البطريرك بشارة الراعي منذ كلامه المباشر والصريح في 22 نيسان 2021 عن أن "حزب الله قوة إيرانية "، على تكرار هذه المعادلة بإصرار ، ومثله يفعل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع منذ كلامه في إطلاق حملته الانتخابية في 14 آذار 2022 وقوله المباشر " إن حزب الله أقرب إلى قوة احتلال ايرانية " ، ولحق بالبطريرك وجعجع من هم أقل شأنا ووزنا ليتحدثوا صبح مساء عن احتلال ايراني للبنان ، وهم يقصدون حزب الله طبعا .
- عندما دخل حزب الله على خط ملف النفط والغاز اللبناني ، وطرح معادلة " لا غاز ونفط من المتوسط ما لم يحصل لبنان على مطالبه " ، تواصلت الحملات التي تشكك بخلفية حزب الله ، وتربط موقفه بالسعي لتوفير أوراق قوة تفاوضية لإيران في ملفها النووي المطروح على طاولة المفاوضات ، وهذا بالطبع ينسجم مع نظرية القول ان حزب الله قوة إيرانية ، أي أنه يعرض لبنان للخطر سعيا لخدمة المصالح الإيرانية ، لكن الأحداث منحت اللبنانيين على اختلاف مواقفهم من دور حزب الله فرصة ذهبية لا تقدر بثمن ، وغير قابلة للتكرار ، كي يحسموا خياراتهم ، ويعرفوا الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، ويتقابل الذين يصرون على وطنية لبنانية عالية تحكم مواقف حسابات حزب الله ، والذين يتهمونه بأنه قوة إيرانية تخدم المصالح الإيرانية على حساب لبنان ، فقد تصادف أن ملف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني وملف المفاوضات حول مستقبل الترسيم والاستخراج في حقول النفط والغاز اللبنانية ، في توقيت واحد على الطاولة ، و يلف الغموض مصير كل منهما ، ولا يستطيع أحد مهما كانت درجة اطلاعه ومتابعته للمعلومات حول مسار تطورات كل من الملفين ، أن يحسم الوجهة التي سيسلكها اي من الملفين ، ففي كل منهما معلومات متضاربة حول فرضيات التوصل الى تفاهم أو عدم التوصل الى تفاهم ، وفي هذا التوقيت المستمر منذ أسبوعين على الأقل ، يخرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، ويتحدى الذين يطعنون بوطنية ولبنانية أهداف وخلفيات حزب الله وموقفه ومعادلاته ، ويقول انه اذا تم توقيع الاتفاق النووي ونالت ايران مرادها ولم يحصل لبنان على مطالبه فالحزب ذاهب الى التصعيد ، واذا تم العكس ولم يوقع الاتفاق النووي ولم تنل ايران ما تريد وحصل لبنان على مطالبه فالحزب ذاهب الى التهدئة .
- منذ سبعة أيام ولياليها ، صدر هذا الكلام عن السيد حسن نصرالله ، وكان المتوقع ان يجاريه المشككون بمواقف تقبل التحدي وتتولى الرد ، وقد أرهقت آذان اللبنانيين بصراخها عن أن حزب الله مجرد خادم للمصالح الإيرانية ، وعلى حساب لبنان ، وهذه فرصة ليقولوا له نقبل التحدي ، ويعلنون انهم واثقين ، بل متأكدين ، انه اذا لم تحصل إيران على ما تريد في الاتفاق النووي فان حزب الله سيذهب للتصعيد ولو حصل لبنان على مطالبه ، وكذلك أن يعلنوا انهم متأكدين من العكس ، أنه إذا حصلت إيران على ما تريد في الملف النووي فإن حزب الله ذاهب للتهدئة حتى لو لم ينل لبنان ما يطالبه به ، فيتاح للبنانيين هكذا خلال أيام أو اسابيع كحد أقصى ان يعرفوا مع انقشاع الغموض حول مصير الملفين ، ما إذا كانت الاتهامات الموجهة لحزب الله في مكانها أم أنها مجرد افتراءات ، لكن صمت هؤلاء عن الرد وقبول التحدي يقول انهم يعلمون صدق حزب الله بما قاله أمينه العام ، وأن اتهاماتهم له جزء من خطة اساءة متعمدة لا تستند إلى اي أساس ، سوى السعي لوهم استرضاء خارج هو الذي يصح القول فيه انه مستعد للتضحية بلبنان وليس بمصالحه فقط كرمى لعيون اسرائيل دون ان يرف له جفن ، لكن المشكلة ليست في العتب على الذين لا يعلمون ، بل على الذين يعلمون ، وفي كل حال الصمت مريب وأشد سوءا من الإتهامات !
2022-08-27 | عدد القراءات 1037