حلف الشرق 2022 نقاط على الحروف ناصر قنديل

حلف الشرق 2022

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- بدأت في روسيا مناورات الشرق 2022 ، بمشاركة عشرات آلاف الجنود ومئات الطائرات والدبابات وعشرات السفن الحربية والغواصات ، والمناورات التي يشير اسمها إلى تركيبتها ، تعبير عن نواة حلف دفاعي عسكري للشرق ، يتخذ أكثر من شكل تفاعلي ، فقبل أسابيع انتهت مناورات مشتركة بين الصين وروسيا وإيران في المحيط الهادئ ، وأخرى بين إيران وروسيا وفنزويلا في المياه الإقليمية اللاتينية ، وفيما تغيب إيران وفنزويلا عن هذه المناورات تشارك فيها مع روسيا والصين الهند وأرمينيا وأذربيجان والجزائر وسورية وطاجكستان ونيكارغوا وبيلاروسيا وقيرغيزستان و لاوس ومنغوليا ، وهذه التشكيلة تبدو مرشحة للتوسع من 14 دولة إلى 30 دولة ، لتشكيل حلف يعادل في حجم قواته وعدد الدول المشاركة فيه ، ونوعية أسلحته ، أكثر من ضعف مقدرات حلف الناتو .

- يكفي لفت الانتباه الى ان عديد الجيوش المقاتلة في الدول المشاركة يزيد عن عشرة ملايين جندي ، وأن القدرة النووية لروسيا وحدها يزيد عن قدرات حلف الناتو ، وأن انتشار الدول المشاركة يشمل كل القارات ، وان دولتين عربيتين هما سورية والجزائر من بين صفوفه ، وأن الحرب الأوكرانية والنزاع حول تايوان لم يتسببا بتراجع أي من المشاركين عن الرغبة بالمشاركة ، وأن دولا ذات قدرات عسكرية استثنائية نووية وتقليدية خاضت حروبا أو بنت قدرات رادعة للحروب تشارك في المناورة او شاركت في مثيلاتها ، ومرشحة لعضوية أي حلف دفاعي مواز لحلف الناتو .

- خلال السنوات الماضية تبلور حلفان سياسيان و اقتصاديان ، الأول هو مجموعة بريكس والثاني هو منظمة شانغهاي ، وشكلت روسيا والصين نواة الحلفين ، وعلى جدول أعمال كل منهما طلبات عضوية جديدة ، بينها لدول معروفة بعلاقتها بالغرب ، كالسعودية ومصر وتركيا ، وليس خافيا ان العلاقات الروسية الصينية التي تشكل عصب هذين الحلفين تمضي قدما بسرعة نحو التكامل الاستراتيجي ، الذي نجح الغرب بتعطيله في زمن الاتحاد السوفياتي ، وأن هذا التكامل صار قطبا جاذبا قادرا على تجاوز الخلافات البينية للمشاركين ، فلم تقف المشاكل بين الصين والهند عائقا أمام مشاركة الهند في مجموعة بريكس ، ولا في هذه المناورات التي تحمل اسم الشرق 2022 .

- في الطريق لولادة حلف الشرق الدفاعي ، يبدو العمل على إطلاق مصرف للتنمية مواز للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي برأسمال يزيد عن تريليون دولار ، ترعاه الصين ، ويعمل باسم بريكس ، ويتفرع عنه مصرف ، وعملة جديدة موازية للدولار واليورو ، ووفقا للتقديرات التي يتحدث عنها المعنيون بالمشروعين الاقتصادي المالي والدفاعي ، فان عام 2030 هو عام التحول الكبير عالميا ، ليس لجهة ولادة عالم متعدد الأقطاب يعتقد الروس والصينيون انه ولد وانتهى ، بل للانتقال من التوازن الاستراتيجي مع الغرب الى التفوق الاستراتيجي على الغرب ، وانتقال الشرق إلى قيادة العالم الجديد .

- هنا تكمن أهمية مكانة سورية والجزائر في السياق الدولي الجديد ، بما يستعيد الدور الذي لعبته مصر أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في رسم التوازنات التي أسست لها جماعة عدم الإنحياز ، وتأتي سورية والجزائر بمكانتهما مما هو أهم من الموارد الطبيعية وهي ليست بقليلة ، لكن الأهم منها  المكانة الجغرافية الإستراتيجية في قلب آسيا وقلب افريقيا ، من جهة وقوة مشروع الدولة الوطنية فيهما من جهة أخرى ، ليكون للعرب مكانة قيادية في التأسيس لهذا العالم الجديد ، وقد بدأ عرب آخرون ينفتحون عليه كخيار رديف لخياراتهم السابقة كحال السعودية ومصر ، وطلبات التسلح بصواريخ الأس 400 ، وطلبات الانضمام الى منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس .

2022-09-07 | عدد القراءات 1110