سؤال حول الوكالة الدولية للطاقة الذرية ؟
كتب ناصر قنديل
- بالرغم من لا أخلاقية وقوع الدول في ازدواجية المعايير في التعامل مع ظواهر متشابهة ، إلا أنه يمكن فهم ذلك طالما أن الدول تدفع ثمنا أخلاقيا ومعنويا من سمعتها ورصيدها السياسي عندما تصاب في مصداقيتها ، سواء أمام رأيها العام الداخلي ، أو الرأي العام الدولي ، وكل منهما يؤثر على ثبات سلطات هذه الدول وفاعليتها ، لكن المنظمات الأممية ليست هيئات تأتي بها الإنتخابات لتمارس السياسة على هواها ، وتتحمل نتائجه في الانتخابات داخل بلدها ، أو بردود الأفعال على سياساتها خارج بلدها ، بل هي منظمات مسؤولة عن السهر على مواثيق توافقت عليها دول العالم تحت شعار تطبيق بند أو أكثر من بنود ميثاق الأمم المتحدة .
- التوازنات التي تخضع لها المنظمات الأممية والطريقة التي تتحكم باختيار القيمين عليها تعبر عن موازين القوى داخل المجتمع الدولي ، وهو ميزان قوى كان حتى الأمس محكوما بالاحادية الغربية المسيطرة على الأمم المتحدة وقراراتها وطريق اختيار مسؤوليها .
- عندما نتحدث عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فالأمر يتصل بتطبيق مبدأ السعي لعالم خال من السلاح النووي ، وضمان سلمية البرامج النووية لدول العالم ، عبر ميثاق للوكالة وبرامج يتم التوجه الى الدول لتوقيعها والانضمام إلى معاييرها ، وبنظرة بسيطة يظهر أن في منطقتنا تقف إيران على ضفة وتقف "إسرائيل" على ضفة مقابلة ، فمقابل إيران التي تجاهر بكونها دولة تسعى لبرنامج نووي سلمي وتخضع لمواثيق وخطط الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ترفض "إسرائيل" كل برامج الوكالة وشروطها وترفض كل خضوع لمعاييرها ولأي تفتيش يتصل بضمان احترامها ، وتعرف الوكالة والعالم كله انها تملك برنامجا عسكريا ، ثمرته مئات الرؤوس النووية ، وهذا يعني أن الوكالة يجب ان تكون على حالة تعاون مع إيران مهما كانت الملفات الخلافية تحت سقف برنامج نووي سلمي ، وأن تقف على حالة قطيعة مع إسرائيل ، ترجمة للقطيعة الإسرائيلية مع مهمة الوكالة ودورها ، وعندما تحظى إسرائيل بمكانة الصديق المميز للوكالة وتعامل إيران معاملة التلميذ المشاغب ، فهذا يشبه أن تقوم منظمة اليونسكو بالمتاجرة بالأطفال والرقيق الأبيض والآثار المسروقة .
- جوهر الخلل في وضع الملفات النووية في العالم هو هذا الشذوذ الذي يحكم علاقة الوكالة الدولية ب"إسرائيل" ، فلا توجد أي صدقية لسعي الوكالة إلى عالم خال من السلاح النووي ، في ظل علاقة مميزة للوكالة ومديرها ب"إسرائيل" ، وصولا إلى اعتماد التقارير الإسرائيلية ككيان نووي عسكري مخالف للقانون ، حول البرنامج النووي الإيراني كأساس للحكم على هذا البرنامج السلمي ، ودون تصحيح هذا الخلل بوضع الوكالة في حالة مواجهة مع البرنامج النووي الإسرائيلي العسكري ، وجعله في مرتبة تتقدم كل تعاملات الوكالة مع الدول ذات البرامج السلمية ، سيبقى مسار الأزمات النووية في العالم مفتوحا ، فلن تجد الوكالة دولة أخرى غير إيران لا تريد طوعا واختيارا عدم امتلاك برنامج عسكري ، ولعل المثال الكوري الشمالي خير رد مناسب على وكالة تدار بهذه الطريقة .
2022-09-08 | عدد القراءات 997