هوكشتاين يفاوض على شروط استثمار الحقول اللبنانيّة لتضييع الوقت

هوكشتاين يفاوض على شروط استثمار الحقول اللبنانيّة لتضييع الوقت… وبرّي للعودة إلى الناقورة المقاومة على جهوزيّتها… وقادة الكيان يتحدّثون عن عجز جيشهم عن مواجهتها في أيّ حرب حزب الله: تعديل مهام اليونيفيل غير شرعيّ ومناقض للقرار الأصليّ ويجعلها قوة احتلال

 

كتب المحرّر السياسيّ

تصدّرت زيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين إلى لبنان، واجهة الاهتمامات، وفيما انصرف المروّجون لتفاؤل الوسيط ونزاهته وحرصه للحديث عن عدم تطرّقه لتأجيل الترسيم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وضمناً ما بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون، كان هوكشتاين يضع يده على ما ليس له، فيدخل شروط استثمار الحقول اللبنانية ضمن مهام التفاوض، ما يعني إدخال حكومة الاحتلال شريكاً في شؤون سيادية لبنانية، كمنح الفريق الإسرائيلي المفاوض حق الدخول الى تفاصيل داتا شركة توتال حول الحقول ومداها وعمقها والمعلومات حول الثروات المتوقعة فيها، وهوية الشركات المشاركة في الكونسورتيوم الذي تقوده توتال بعد انسحاب شركة نوفاك الروسية، والمفاوضات مع شركة قطريّة للحلول مكانها، ودخوله على خط التفاوض معها؛ ومع ربط إنجاز الاتفاق بالتفاهم على قضايا إجرائيّة لمرحلة ما بعد الاتفاق تتصل بحقوق لبنانية خالصة لكيفية التعامل مع ثرواته، عدا عن كونه تنازلاً عن شأن سياديّ خطير، يفتح الطريق ويفتح الباب لاستهلاك وقت يفيض عن حاجة الوسيط ومن خلفه الإسرائيليين لبلوغ نهاية تشرين الأول دون التوصل إلى اتفاق، أي لما بعد الانتخابات الإسرائيلية ونهاية عهد الرئيس ميشال عون، وفرضية دخول لبنان في فراغ رئاسيّ ترافقه فوضى دستوريّة حول دستوريّة تولي الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية، ويصير المسار الرئاسي والترسيم معاً رهائن أميركية لمفاوضات من نوع آخر، يضغط فيها خطر الانهيار لفرض الاستسلام على لبنان، وربما يكون كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه الوسيط الأميركي عن العودة الى اتفاق الاطار والمفاوضات في الناقورة تلميحاً الى استشعار هذا الخطر.

على الصعيد الميدانيّ، ورغم تفاؤل الوسيط الأميركي، يعيش الجانب الإسرائيلي قلق الحرب، ويتحدث قادته والخبراء فيه عن عجز جيشه عن مواجهة احتمالات الحرب المقبلة، وبينما تستمر المقاومة برفع جهوزيتها والاستعداد لكل الاحتمالات، دون أن يعلق أي من قادتها على المسار التفاوضي والشروط الجديدة التي تمّ إدخالها عليه بما يمثل اعتداء على الحقوق السيادية اللبنانية، في تكرار مشابه لما جرى في صيغة التمديد لليونيفيل وما رافقها من تعديل للمهام، وصفه رئيس المجلس الشرعي في حزب الله الشيخ محمد يزبك، بالخروج عن القرار الأصليّ، وقال إنه يجعل من هذه القوات الدولية قوة احتلال، ويفتح الباب لمصادمات مع الأهالي، وتشكل مشروع استهداف للمقاومة، مضيفاً بالقول «إن اتخذ القرار على حين غفلة من الحكومة ووزارة الخارجية فتلك مصيبة، وإن كان على علم فالمصيبة أعظم، فالقرار مؤامرة على لبنان وسيادته». بينما كان قادة الاحتلال يتحدثون عن قدرة المقاومة على إلحاق الأذى بالعمق الإسرائيلي، حيث أشار القائد الجديد للمنطقة الشمالية، الجنرال أوري غوردين، إلى أن «مهمته الأولى ستكون الاستعداد لآلاف الصواريخ التي يمكن لـ»​حزب الله​« إطلاقها في حال وقوع أي مواجهة»، كاشفًا أنه «يمكن لـ»حزب الله» إطلاق 4000 صاروخ يوميًا خلال أي قتال محتمل بين الجانبين». ولفت غوردين (الذي تولى سابقًا منصب قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية)، لوكالة «أسوشيتد برس»، إلى أن «​الجيش الإسرائيلي​ يقدّر أن الحزب قد يضرب ما يصل إلى 7000 صاروخ على مناطق إسرائيلية في أي حرب مستقبلية قد تمتد عدة أسابيع»، مؤكدًا أن «صواريخ «حزب الله» يمكنها أن تُحدث بعض الأضرار الكبيرة»، بينما أشار رئيس لجنة الشكاوى السابق في جيش الاحتلال، الجنرال في الاحتياط إسحاق بريك، في مقال له عبر القناة 12 الإسرائيلية، إلى أنّ «حزب الله قد يعبر الحدود وبأعداد كبيرة خلال المعركة المقبلة». ولفت إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي ليس مستعداً لمثل هذه المواجهة، مقارنة بحزب الله، الذي يتأهب في أي لحظة لإسقاط آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، متوقعاً عبور الحزب بأعداد كبيرة إلى الداخل الإسرائيلي».

وخطفت زيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين إلى بيروت ولقاءاته وتصريحاته الأضواء المحليّة وسط تضارب وتناقض في المعطيات والمعلومات حول نتائج جولته وما تضمّنته من رسائل ومقترحات وردود، في ظل جمود يعتري الاستحقاقات الدستورية أكان تأليف الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، مع توقعات بأن مشهد الفراغ المزدوج بانتظار البلاد في تشرين الأول المقبل.

وكان هوكشتاين جال على المسؤولين من دون أن يقدّم أي مقترحات جديدة أو حلٍ نهائيّ أو مسودة لاتفاق ترسيم الحدود، وفق ما تشير مصادر «البناء».

وعرض الوسيط الأميركي مع رئيس الجمهورية ميشال عون لنتائج الاتصالات التي أجراها مع الجانب الاسرائيلي وبعض النقاط المتعلقة بالمفاوضات، واستمع إلى وجهة نظر لبنان حيال بعض النقاط التي يجري البحث في شأنها، وقال هوكشتاين من بعبدا: «كان اجتماعاً ممتازاً وأعتقد أننا أحرزنا تقدماً جيداً في هذا المجال، وأنا ممتن للرئيس عون على استقباله لي وعلى المناقشات التي أجريناها خلال الاجتماع ومتفائل في الوصول الى اتفاق».

ثم توجّه الى عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأكد بري «تمسك لبنان باتفاق الإطار وعزمه على الاستثمار لثرواته في كامل المنطقة الاقتصادية الخاصة به وحقه وسيادته»، مشدداً على «ضرورة العودة الى الناقورة للتفاوض غير المباشر برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركيّة».

كما اجتمع هوكشتاين برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحضور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، والوفد المرافق لهوكشتاين والمستشار الديبلوماسي لميقاتي السفير بطرس عساكر. وخلال الاجتماع تمّت مناقشة الأفكار التي يحملها الموفد الأميركي على أن يُصار الى التشاور بشأنها وإبلاغ هوكشتاين الجواب عليها في وقت قريب.

2022-09-10 | عدد القراءات 1015