التساؤلات حول أسابيع للتفاوض حول الترسيم تلاقي الشغور الرئاسيّ وتفرض تحديد سقف زمنيّ

التساؤلات حول أسابيع للتفاوض حول الترسيم تلاقي الشغور الرئاسيّ وتفرض تحديد سقف زمنيّ / قلق أميركيّ إسرائيليّ من موقف المقاومة بعد فشل محاولات الحصول على تطمينات / الموازنة بلا روح ولا خطّة ولا أجوبة جدّيّة… والـ 13 جالوا على الكتل لجمعها فتفرّقوا! /

 

} كتب المحرّر السياسيّ

نجح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين بإرباك المستوى السياسي والرئاسي عبر خلق معادلة تقول بأن المفاوضات جدّية، لكنها تحتاج وقتاً يحتاج إلى أسابيع لا إلى أيام، فيما لبنان معرّض للدخول في الشغور الرئاسي بعد أسابيع، لتطرح التساؤلات حول مدى علاقة القضايا التفاوضية بالسعي لاستهلاك المدة الباقية قبل الوقوع في الشغور الرئاسي المرجّح، في ظل دعوات معلنة في كيان الاحتلال لتأجيل الترسيم إلى ما بعد انتخابات الكنيست التي تتزامن مع نهاية العهد الرئاسي في لبنان، وهو ما قالت صحيفة جيروزاليم بوست أنه تزامن مفيد لعدم ظهور رئيس الجمهورية القريب من حزب الله كصاحب إنجاز في قضية بحجم ثروات النفط والغاز، وبمعزل عن التفاؤل والتشاؤم تجاه حصيلة ما حمله الوسيط الأميركي، والاقتناع بجدية ما يطرحه أو بكونه مفتعلاً لتقطيع الوقت، يفترض بالمسؤولين امتلاك جواب على سؤال، ماذا لو كانت الأسابيع اللازمة للتفاوض أكثر من الأسابيع الباقية قبل الوقوع في الشغور الرئاسيّ، وعندها طبعاً سيتوقف التفاوض على قاعدة غياب مرجعيّة دستوريّة مجمع عليها تتولاه، خصوصاً إذا بقيت حكومة تصريف الأعمال، واستعصى تشكيل حكومة جديدة، وتصاعد الانقسام حول صلاحيّتها بتولي مهام رئيس الجمهورية، والشك بسعي الأميركيّ لتشجيع الوقوع في الشغور وتعطيل قيام حكومة، والدفع بالانقسام حول الحكومة الحالية، هو شك مشروع، لأن الأميركي حتى عندما يكون جدياً، فهو يكون مجبراً على ذلك، طالما ان نهاية الجدية لا تحقق المصالح الإسرائيلية، واذا كان استهلاك الأسابيع الباقية من العهد دون التوصل الى نتيجة نهائيّة، يؤدي الى تفادي ما يسمّيه الإسرائيليون بالتنازلات المؤلمة، ولو بقي الاستخراج من حقل كاريش مجمداً، يشكل مخرجاً مناسباً، من وجهة نظر أميركية إسرائيلية، فكيف سيتعامل المسؤولون مع هذه الفرضية التي لا يستطيع أحد استبعاد حدوثها، إلا بوضع سقف زمني للتفاوض، لا يتعدّى منتصف الشهر المقبل، للوصول الى صيغة اتفاق او لا اتفاق، خصوصاً أن الاتفاق ليس مطلوباً ان يتضمن كل التفاصيل، التي يشك كثيرون بأن الأميركي يزجّ بها لتبرير استهلاك الوقت، فالاتفاق المطلوب بسيط، ونقاطه سهلة، اعتماد الخط 23 وحقل قانا كاملا لتحديد المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة للبنان، ورسالة ضمانات أميركية برفع أي حظر عن عمل الشركات العالمية في الحقول اللبنانية، ويمكن بعدها للجان فنية برعاية الأمم المتحدة أن تواصل البحث في كل تفاصيل ضرورية لإنجاز ملحقات للاتفاق.

في هذا المناخ من التشويش الداخلي، ارتباك أميركي إسرائيلي مصدره غموض موقف المقاومة تجاه كيفية التعامل مع “الأسابيع التفاوضية”، خصوصاً أن المقاومة كانت قد ربطت تهديداتها بموعد الاستخراج من كاريش في أول أيلول، من جهة، وبمعادلة كاريش وما بعد كاريش، منعاً لوضع لبنان في ثلاجة الانتظار عبر تجميد طويل للاستخراج من كاريش، من جهة مقابلة. وفي قلب هذه الثنائية رسمت المقاومة قاعدة “اللعب بالوقت غير مفيد”، وقد حاول الأميركيون استكشاف حدود تنفيذ المقاومة لتهديداتها مع مرور الوقت، تحت عنوان التفاوض، وأعربوا عن خشيتهم من انفجار الموقف، وهو ما بدا أن الإسرائيليين بدأوا يتعاملون معه بجدية في الأيام الأخيرة، عبر المناورات التي تجريها وحداتهم، والتهديدات التي يطلقونها، ولا يزال غموض السيناريو الذي ستعتمده المقاومة مصدراً للقلق الأميركي الإسرائيلي، بينما يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نهاية الأسبوع دون أن يُعرَف ما إذا كان سيتطرق للموضوع.

داخلياً، يبدأ المجلس النيابي مناقشة الموازنة العامة للعام 2022، بينما وصفت مصادر مالية الموازنة بأنها بلا روح، ولا خطة، ولا أجوبة جدّية، فقالت إن الموازنة تفتقد الى ثلاثة عناصر لا قيمة لها بدونها إلا كقيود دكان بقالة، وهي تأتي دون قطع حساب، والعناصر الثلاثة المفقودة هي، أولاً احتساب الرواتب والتعويضات وفق معادلة قابلة للاستمرار، بعيداً عن ملحقات مؤقتة وظرفية تحت عناوين مختلفة رغم تشكيلها أضعاف قيمة الرواتب المعتمدة في الموازنة، وثانياً اعتماد سعر صرف موحّد في معاملات الدولة المالية، وثالثا الإجابة عن كيفية النهوض بغير الكلام الإنشائي، طالما أن إعادة إقلاع النظام المصرفي تشكل عصب الدورة الاقتصادية والمالية وحقوق المودعين وكيفية تأمينها وحمايتها تغيب عن أجوبة الحكومة، ما يعني تمديد البقاء في الجمود المصرفي والمالي.

سياسياً، بدأ النواب الـ 13 جولاتهم على الكتل النيابية تحت عنوان السعي لجمع الكتل على موقف واحد من مقاربة الاستحقاق الرئاسي، شعاره رئيس صُنِع في لبنان، وشملت لقاءاتهم ثلاث كتل تقف على الضفة التي صوّت النواب ضد مرشحيها في استحقاقات رئيس ونائب رئيس مجلس النواب وأمانة السر، وهي كتل التنمية والتحرير ولبنان القوي والوفاء للمقاومة، وفيما عكست التصريحات أجواء إيجابية، قالت مصادر نيابية إن الانقسام بين النواب الـ 13 يبدو أكبر من مشروع جمع الآخرين، حيث بينهم من يريد حصر التشاور بمن يعتبرهم حلفاء طبيعيين، هم النواب الذين تشاركوا مع النواب الـ 13 التصويت للمرشح غسان سكاف لمنصب نائب رئيس المجلس، وبعد الاتفاق مع هذه الكتل على لائحة مصغّرة لمرشحين يستوفون المعايير المشتركة يتم التشاور مع مَن يفترض أنهم الخصوم بحثاً عن فرص التوافق، بينما بين النواب الـ 13 من ينطلق من معادلة تعتبر أن هذا الطريق سيؤدي الى الاستقطاب الحاد الذي سيوصل الى الفراغ، وتعتبر ان الفراغ اسوأ من فرضية انتخاب رئيس يمكن التوافق عليه مع من يوصفون بالخصوم، وتقول المصادر إن تصريح كل من النائبتين حليمة قعقور وسينتيا زرازير يعبر عن هذين الاتجاهين.

وبعدما سيطرت الأجواء التشاؤمية على ملف ترسيم الحدود في ضوء الزيارة الأخيرة للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين على وقع ارتفاع احتمالات الحرب والتصعيد والتهديدات التي يطلقها المسؤولون الاسرائيليون ضد لبنان، برز كلام إيجابي أمس، مصدره المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​، الذي كشف في تصريح تلفزيونيّ بأننا «نتحدث عن أسابيع لا بل عن أيام للانتهاء من ملف ​الترسيم​ وأنا أميل لأن تكون الأمور ايجابية».

2022-09-14 | عدد القراءات 1059