بيان حماس : التراجع جيد …لكننا ننتظر المراجعة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- من الطبيعي أن نرحب بتموضع العديد من القوى القومية والإسلامية على خط التضامن مع سورية ومكانتها القومية ودورها في مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني ، بعد سنوات من التورط بمواقف مناوئة لسورية ، أسهمت بتغذية الحرب عليها ، وقدمت المشروعية لحمل السلاح بوجه دولتها ، تحت شعار إن ما يجري هو "ثورة شعب" ، وتقديم هذا التضامن بصفته تضحية تقبلها هذه القوى على حساب ما تصفه مصالحها الفئوية بالحفاظ على العلاقة ب"النظام" ، وموقف ثوري يعبر عن التزام بقضايا الشعوب وحقوقها يضعها في مرتبة متقدمة على الانتماء مع النظام لخط سياسي واحد يناوئ السياسات الأميركية الصهيونية ، كما كان يقول هؤلاء قبل سنوات ، لكن من الطبيعي أيضا أن لا نقبل وضع هذا التموضع الجديد والجيد ، في ذات السياق مع تموضع الدول التي تورطت في الحرب على سورية ، وتتراجع عنه ، بعدما بدا أن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها ، وأن سورية انتصرت ، بحيث صارت الحرب لاسقاطها وتقسيمها عبثية ، ولو احتاج تكريس المشهد النهائي للنصر بعض الوقت ، وعدم شمول هذين التموضعين بتوصيف واحد هو تقدير لتمييز القوى القومية والإسلامية التي اتخذت موقفا عدائيا من سورية ، وتعيد تصويب موقفها ، ورفض اعتبارها كالحكومات التي بدلت موقعها انسجاما مع حقائق فشل الحرب ، هو رفض اكيد لإعتبارها قوى انتهازية ، راهنت على مشروع الحرب ولما فشل بحثت عن موقع لها في المشهد الجديد .
- التراجع عن الموقف السيئ أمر جيد ، لكنه بالنسبة للذين ينتمون لخندق المواجهة مع المشروع الأميركي الصهيوني ، كحال قوى ناصرية في مصر وسواها من البلاد العربية ، وقوى يسارية كثيرة ، وحركة حماس في فلسطين ، وشخصيات إعلامية وثقافية وازنة ، لا يكفي ما لم ترافقه المراجعة ، لسببين ، الأول لأن ربط التراجع بالمراجعة ، يحجب صفة الانتهازية عن أصحابه ، ويقدم شرحا للسياق الذي ولدت فيه القراءة الخاطئة ، وآلياتها ، وفي صلبها أوهام الرهان على الربيع العربي ، الذي كان واضحا للكثيرين أنه نموذج مكرر للثورات الأميركية الملونة ، والثاني أن المراجعة تعني الإعتذار ، والشعور بالندم والذنب ، وهذا يسهم في ملاقاة النفوس التي أصابها الأذى من التموضع السابق السيء ، ويطلب غفرانها ، لكن الأهم أنه لا يدعو الى طي صفحة الماضي على طريق تبويس اللحى و عفا الله عما مضى ، لأن العلاقات الصلبة تبنى بعد انتكاسها على المكاشفة والمصارحة واعادة التأسيس وفقا للمراجعة الصادقة والندم .
- المراجعة حاجة فكرية وثقافية للأمة ، منعا لتكرار مثيلات الخطيئة في ظروف مختلفة ، وتشريح لمسار فكري خاطئ يمنح المناعة للنخب ، لكنه اعتراف بحجم الأذى الناجم عن هذه الخطيئة ، فما يجب قوله ، أنه اذا اردنا ان نوزع أسهم شركة المسؤولية عن مشروع خراب سورية ، لقلنا أن أكثر من النصف تحمله العناوين الشرعية والأخلاقية والوطنية والاسلامية التي منحها يساريون وقوميون و علمانيون وإسلاميون ومقاومون ، لثورة أكلة الأكباد وخدام السياسات الأميركية الإسرائيلية ، وصولا إلى داعش ، لأن تشويش عقول شرائح من السوريين ومشاعرهم كان الأساس الذي بنيت عليه الحرب والحملات الإعلامية والمخابراتية التي نظمت فصولها .
- في حوار سابق مع قادة ناصريين مصريين أعادوا النظر بموقعهم وموقفهم من الحرب على سورية ، دعوتهم الى اكمال التراجع بالمراجعة ، واليوم ومع صدور بيان حماس بإعلان التراجع عن الموقع السابق من الحرب ، لا بد من تجديد الدعوة للمراجعة لأنها أشد أهمية للمستقبل من التراجع ، على أهميته ، وأهمية ملاقاته بكل إيجابية وترحيب .
2022-09-17 | عدد القراءات 1074