لبنان : حكومة أو حرب على حقول الغاز
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- كلما اقترب موعد نهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اقترب لبنان من حافة الهاوية ، وبدأ أن قعرا سحيقا ينتظر سقوطه المدوي قبل أن يصل الى نهاية العام المقبل ، و الأزمة المالية بلغت مرحلة يسهل رسم خط بياني لها من خلال تطور أسعار الصرف وتسارع الارتفاعات التي تسجلها ، فسعر الصرف تراوح خلال عام 2020 بين 2000 و 8000 ليرة ، و خلال العام 2021 قفز بين حدي 8000 و 25000 ليرة ، وها هو يلامس قبل نهاية أيلول سعر ال 40000 ليرة ، ما يجعل التوقعات ببلوغه نهاية العام سعر ال 50 -60 ألف ليرة واقعيا ، إذا لم يكن في لبنان رئيس جمهورية جديد وحكومة جديدة ، وما يعني أن السابق خلال النصف الأول من العام المقبل 2023 نحو سعر ال 100 الف ليرة سيكون سهل المنال ، ولا حاجة لشرح التبعات والتداعيات ، التي ستشمل تفكك مؤسسات الدولة وتداعي الأمن ، وظهور كانتونات فالتة ، ودويلات لها سطوة ميليشياتها المحلية عليها ، وارتفاع منسوب الجرائم ، وظهور معالم مجاعة لم نرها بعد ، وأزمات خز ومحروقات ودواء و استشفاء ، ومدارس ، ما يعني أن يشمل الاهتراء الدولة والمجتمع معا .
- بالتوازي مع هذا الخطر المقلق ، وأمام وميض الأمل الذي مثله دخول المقاومة على خط التفاوض حول ثروات لبنان البحرية ، كمصدر وحيد يمكن أن يفتح الباب لضخ مقدرات بحجم يمكن له انتشال لبنان من القعر السحيق ماليا ، يبدو أن الأميركي والإسرائيلي قد وجدا خارطة طريق للتملص من استحقاق التسليم بحقوق الحد الأدنى للبنان وتفادي خطر الحرب معا ، عبر تضييع الوقت بمناورات تفاوضية تخرج الأرانب من قبعة عاموس هوكشتاين ، مرة حول تركيبة الشركات التي ستتولى التنقيب ، ومرة حول تحديث خارطة الحقول الحدودية ، أملا ببلوغ موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية دون أن تكون الخاتمة التفاوضية قد أبصرت النور ، مع وجود حكومة ينقسم اللبنانيون على أهليتها لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية ، وغياب رئيس جديد ، فتصبح الفوضى الدستورية اللبنانية ، ذريعة مزدوجة للتنصل من التوصل لاتفاق تفاوضي يرضي لبنان ، وتعطيلا لفرصة دخول المقاومة على خط التهديد بالحرب لفرض نيل الحقوق ، وفق معادلة ان اميركا واسرائيل جاهزتان لكن لبنان لا يملك جهة لها صفة ليتم التفاهم معها ، ووفقا لهذا السيناريو لا مانع من بقاء تجميد الاستخراج من حقل كاريش قائما لاسقاط اي مدخل لتضع المقاومة تهديداتها موضع التنفيذ ، فلن يتأخر لبنان عن الإنهيار ، لترتفع الصوات فيه طلبا للمعونة الأميركية في انجاز الاستحقاق لارئاسي ضمن دفتر شروط للترسيم يرضي الإسرائيلي ، وفق معادلة خط هوف ورئيس بمقياس هوف .
- النصف الثاني من تشرين الأول يرسم مستقبل لبنان ، فإذا لم تتشكل حكومة جديدة ، ولم تبرز فرص توافق على رئيس جديد يمكن أن يتوافر لانتخابه كلا من نصاب الجلسة وأغلبية الفوز ، لا يمكن للمقاومة أن تترك الوضع يتداعى نحو الكارثة ، وهذا يعني كما يقول العارفون ، أن النصف الثاني من تشرين الأول هو شهر الحرب ما لم يتم إنجاز الترسيم قبل ذلك التاريخ ، اللهم إلا إذا تنبه الأميركيون والإسرائيليون وأدركوا أن الطريق الوحيد لتدارك خطر الحرب هو إنجاز الترسيم قبل هذا الموعد ، وإلا إذا أدرك المعنيون اللبنانيون أن طريق تسهيل الفهم على الأميركيين والإسرائيليين من جهة وتدارك الحرب بقطع أسباب حضورها من جهة موازية ، هو ولادة حكومة جديدة لا نقاش على أهليتها الدستورية في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية ما لم يتم انتخاب رئيس جديد ، فتسقط بوجودها الرهانات على الفوضى الدستورية كذريعة للتنصل من التوصل لتفاهم تفاوضي حول ترسيم الحدود .
- الخيارات ببساطة بين حكومة جديدة تقطع طريق الحرب والرهان على الفوضى والانهيار ، أو الحرب ، والحرب صارت مهما كانت مخاطرها اقل كلفة مما ينتظرنا إذا ترك الحبل على الغارب ودخلنا الفوضى العارمة .
2022-09-20 | عدد القراءات 1089