بوتين لن يتردد في استخدام النووي نقاط على الحروف ناصر قنديل

بوتين لن يتردد في استخدام النووي
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يقول الكثير من المسؤولين في الغرب ومن ورائهم كتاب و صحافيون غربيون وعرب ، أن
القرارات الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي نتاج فشل حربه في أوكرانيا ، ويدخلون
لإثبات منطقهم في سردية تتصل بيوميات المعارك في أوكرانيا ، لجهة مفاجآت مثلها دخول
رعاية الناتو للجيش الأوكراني ، تسليحا نوعيا وتنظيما وتدريبا وتشاركا في الاستخيارات
والمعلومات ، ويبنون على ذلك توصيف قرارات الرئيس بوتين مرة بالتعبير عن الفشل وأخرى
باليأس أو الإفلاس ، وفي مواجهة هذه السردية تقف أسئلة كبرى ، هل كان قرار الرئيس بوتين
تحت عناوين ثنائية روسية أوكرانية طلب حياد الناتو فيها وراهن عليه ، أم هي حربه مع الناتو
طلب حياد أوكرانيا فيها ؟
- الاحتكام الى مرجعية توضح الأمور و تحسم النقاش ، ينطلق من النص المعلن لأطراف
الصراع ، وفي طليعتها خطاب الرئيس بوتين ، الذي كان واضحا في تحديد أهداف حربه ،
بصفتها حرب إنهاء القطبية الأحادية في العالم ، وحرب إبعاد خطر تموضع الناتو في العمق
الأوكراني لما يمثله وفق الخصوصية الأوكرانية تهديدا للأمن القومي الروسي ، والذهاب
للحرب اعلان كامل لفشل مساعي تحقيق هذه الأهداف دون حرب ، فهل يستقيم افتراض أن
يكون الرئيس بوتين ومن خلفه القيادة الروسية ضحايا وهم افتراض ان حشد مئة الف جندي
روسي للدخول الى بعض المناطق الأوكرانية كفيل بإنهاء خطط الناتو للتقرب من حدود روسيا
عبر أوكرانيا تحديدا ، وابعاد خطره ، وكفيلا بإسقاط القطبية الأحادية التي تهيمن على العالم ،
وكل شيئ أمامه يقول بأن الناتو ذاهب للتصعيد ومزيد من الدعم لخطط تدعيم جبهته في
أوكرانيا ، ولحشد اقتصادي مالي لتضييق الخناق على روسيا ، بما في ذلك الضغط على أوروبا
لتتحمل أكلاف عالية في سياق السعي لمحاصرة روسيا واضعافها ، تأكيدا للشراسة الأميركية
المستمرة والمتمادية في تعويم مشروع الهيمنة ، فهل نضع التهاون الروسي العسكري في
أوكرانيا في إطار سوء التقدير أو ضعف الموارد أو تخيل سهولة المعركة ؟
- حجم المعركة التي فتحها الرئيس الروسي تقول انها حرب عالمية ثالثة ، وليست شيئا آخر ،
ومن أقام حسابات دقيقة لتفاصيل ومخاطر غير ظاهرة ، قبيل انخراطه في الحرب في سورية ،
وهي تبعد آلاف الكيلومترات عن بلاده وأهدافها مهما كبرت ليست حاسمة على هوية النظام
الدولي ، هل يعقل أنه لم يضع في حساباته المعطيات الظاهرة أمام عينيه في حرب على حدوده
هو من قام بفتحها ، ومصيرها يقرر مصير النظام العالمي ، وقد وضع الأمن القومي لروسيا
في كفة موازية للفوز بها ، وكل شيئ يقول أنه يخطو خطواته ببطء ، وأن الحرب بالنسبة له
على نار هادئة ، بينما حرب النفط والغاز على سبيل المثال شكلت بندا اول على جدول أعماله
اليومي .
- من السخافة الإعتقاد أن دولة بحجم روسيا عسكريا ، قد استنفدت أسلحتها وذخائرها التقليدية
والذكية بمجرد معارك خاضتها على مدى شهور في بقعة جغرافية محدودة في دولة مجاورة ،
انخرطت فيها بمئة ألف جندي ، وهي روسيا التي قاتلت لأربع سنوات على مساحة كل أوروبا
وقدمت من جيشها ملايين الجنود الشهداء ، وكانت مصانعها العسكرية تضخ السلاح والذخائر
الى جبهات القتال بينما المعارك تدور على أطراف موسكو وبطرسبورغ ، وهي الدولة المصنفة

الثانية عسكريا في العالم ، ووفقا لبعض الدراسات والتقديرات تحتل المرتبة الأولى ، واحترام
العقل السليم يستدعي الأخذ بفرضية تقول ان روسيا تعرف ما تفعل ، وتخوض حربها بهدوء ،
وتدرك أنها حرب طويلة ، وأنها ستمر بمراحل ، وأن خصمها هو حلف الناتو في هذه الحرب ،
وأوكرانيا هي الجغرافيا المناسبة والديمغرافيا المناسبة ، بحيث يكون الفشل الأميركي فيهما فشل
كامل لفرص تثبيت الهيمنة وتعويمها ، ولذلك هي حرب كسر عظم ، وليست حربا ثانوية ، ولن
تنتهي الا بغالب ومغلوب .
- من يحترم عقله وعقول الآخرين مدعو لأن يصدق أن ما يجري من الجانب الروسي هو حلقات
من خطة ، وأن يصدق كلام خبراء روس مقربين من مركز صنع القرار يقول ان هذه الخطة
تلحظ امكانية استخدام السلاح النووي ، وتضيف يبدو أن الحروب العالمية لا تنتهي الا باستخدام
احدى الدول للسلاح النووي ، ويبقى الفرق بكيفية الاستخدام التي تنجح بتحييد اعلى نسبة من
المدنيين ، وتحقيق أعلى الأهداف العسكرية !

2022-09-23 | عدد القراءات 1009