تركيز «إسرائيلي» على التصعيد الأمني تحت دخان الاعتراض على الرد اللبناني يغطي الاتفاق لبنان متمسّك برفض الأمر الواقع في نص الاتفاق… والمقاومة جاهزة لكل الاحتمالات الأميركيون يؤكدون أن الفرص مفتوحة لتجاوز الخلافات… وإبراهيم يدعوهم لتحمّل المسؤولية
} كتب المحرر السياسي
خرج النقاش حول أصل الاتفاق الذي توصل إليه الوسيط الأميركي حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان عاموس هوكشتاين، من التداول بين أركان كيان الاحتلال، وصارت القضية فجأة هي قضية الرد اللبناني وما تضمنه، ومخاطر انهيار الوضع الأمني الحدودي وإطلاق صيحات الحرب والتلويح بخوضها، بصورة مسرحية هوليوودية لا تخلو من تسجيل النقاط المتبادل بين المتنافسين في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، لدرجة أن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو تجاهل اعتراضاته على أصل الاتفاق وإدانته لحكومة يائير لبيد لقبولها به واكتفى باعتبار رفض لبيد للمطالب اللبنانية المتصلة بنصوص مختلفة عن ما تم التفاوض حوله، وهي رغم أن بعضها أساسي وبمثابة خط أحمر بالنسبة للبنان، إلا أنها لم تكن في بنود التفاوض التي دارت حول تثبيت الخط 23 وحق لبنان بكامل حقل قانا وعدم تأثير الخط البحري على حدود لبنان الدولية البرية المعترف بها، ومن البديهي أن الأميركي والاسرائيلي عندما قررا اضافة هذه البنود الإشكالية مثل تثبيت خط «الطفافات» كخط حدودي بحري، أو ربط استثمار الشركات المشغلة للحقول اللبنانية بتنفيذ تفاهماتها الضمنية مع «اسرائيل»، أو اشتراط الا تكون الشركات المتعاقدة مع لبنان خاضعة لعقوبات أميركية بدلا من اشتراط عدم خضوعها للعقوبات الدولية، كانا يعرفان الصعوبة ان لم يكن الاستحالة في الفوز بتمرير هذه النقاط، التي لا يمكن لأي عاقل تخيل القبول بها، ما يعني ان دسها في النص بتوافق اميركي اسرائيلي، اما كان بهدف تقويض الاتفاق من اساسه. وهذا ما تستبعده المصادر المتابعة للمفاوضات والعناصر التي فرضت وصولها الى التسليم باتفاق يلبي المطالب اللبنانية، وهي العجز الأميركي عن تحمل تداعيات حرب جديدة قد تشعل البحر المتوسط وتغلقه أمام التجارة العالمية وإمدادات الطاقة، وأزمة الطاقة العالمية والحاجة الملحة لتأمين عاجل لاستخراج الغاز من حقل كاريش ونقله الى اوروبا، ووجود عزيمة واضحة لدى المقاومة بالمخاطرة بخوض حرب إذا بدأ الاستخراج من كاريش دون نيل لبنان مطالبه، وامتلاك المقاومة ما يكفي لخوض هذه الحرب، وهي عناصر ثابتة لا تغيير فيها إلا لصالح تثبيتها، كمثل ما فعلته قرارات أوبك بلاس بتعميق أزمة إمدادات الطاقة، وتبقى الفرضية الثانية وفقاً للمصادر، وهي منح حكومة لبيد فرصة خوض معركة داخلية بوجه خصومها، تظهر خلالها بمظهر القوة وتنتهي بسحب نقاط الخلاف وإحالتها لتفاوض لاحق، أو الاستعاضة عنها برسالة ضمانات أميركية لـ»إسرائيل»، وهذا يعني أن السؤال يبقى حول ما اذا كانت حكومة لبيد ستنجح بتجاوز هذا القطوع قبل موعد الاستخراج المفترض من كاريش، أم أنها تتحمل تأجيلاً إضافياً لما بعد الانتخابات هذه المرّة؟
هذا الخيار يفرضه أن لبنان لن يتراجع عن مطالبه التي وصفها رئيس الجمهورية بالحقوق، والمقاومة لن تتراجع عن معادلتها باستهداف منصات الغاز الإسرائيلية إذا بدأ الاستخراج قبل نيل لبنان مطالبه، بينما وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي يعتقدان بأن الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى تفاهم يتيح توقيع الاتفاق، ولهذا قال المدير العالم للأمن العام اللواء عباس إبراهيم المتابع عن قرب لملف التفاوض مع الوسيط الأميركي بأن لبنان غير معني بالكلام الاسرائيلي ويدعو الاميركي لتحمل مسؤولياته.
وبعد 4 ساعات من النقاش في المجلس الوزاري المصغر في كيان الاحتلال، الذي عقد اجتماعاً استثنائياً لبحث ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، «فوّض الكابينت رئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد ونفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس بإدارة سيناريو تصعيد في الشمال حتى من دون اجتماع آخر للوزراء»، وفق ما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، أن محادثات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في مرحلة حرجة. وأفاد الموقع نقلًا عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، بأنّ «أهم تغيير في مسودة الاتفاق الذي طالب به لبنان يتعلق بالاعتراف بـ»خط العوامات» كحدود دولية».
وأشارت وسائل إعلام عربية الى أن الرسالة التي نقلت للوسيط الأميركي في ملف الترسيم هي الاستعداد للتصعيد على الجبهة الشمالية، مضيفة أن هوكشتاين تبلّغ أن «إسرائيل» لن تقدم أي تنازلات إضافية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أعلن خلال اجتماع الكابينت رفضه للمراجعات اللبنانية على مقترح ترسيم الحدود البحرية. وقال: «سنوقف مفاوضات الحدود البحرية إذا استهدف حزب الله حقل كاريش». وأضاف: «لن نتنازل عن مصالحنا الأمنية والاقتصادية حتى لو كان ذلك يعني أنه لن يكون هناك اتفاق قريباً وسنستخرج الغاز من كاريش في أقرب وقت ممكن».
من جهته، هدّد وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، لبنان، بالقول: «إذا استهدف حزب الله بنيتنا التحتية سيدفع مع لبنان ثمناً باهظاً».
إلا أن مصدراً في الرئاسة اللبنانية نقل عن الوسيط الأميركي قوله إن الإسرائيليين رفضوا بعض الملاحظات اللبنانية، ولم يرفضوا الاتفاق.
ومن المتوقع أن يصدر خلال الساعات المقبلة موقف عن هوكشتاين لوقف السجال بما يتم تداوله في وسائل إعلام العدو بملف الترسيم.
2022-10-07 | عدد القراءات 1044