الاستحقاق الرئاسي وخيارات جبران باسيل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لا يملك أي طرف سياسي في مقاربة الاستحقاق الرئاسي ، أوراق قوة كتلك التي يملكها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، ولا يعيش أي طرف سياسي الخيارات الصعبة التي تفرض حضورها عليه ، فنظيره المسيحي سمير جعجع الذي يقابله بعدد النواب ، مسقوف بالعجز طالما أنه عاجز عن تشكيل حلف قادر على ضمان تعطيل النصاب ، بمجرد توافر فرصة رئاسية توافقية تنجح باستقطاب نواب الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة الاعتدال وتعيد فك وتركيب كتلة النواب ال13 ، وربما تبدل في موقع حزب الكتائب ، ونظيره السياسي النائب السابق وليد جنبلاط ، الأقل حرجا منه في التعامل مع الخيارات ، غير قادر على تشكيل بيضة قبان مرجحة لأي منها ، فبقاء نواب اللقاء الديمقراطي وراء ترشيح النائب ميشال معوض لا يقدم ولا يؤخر ، وانتقالهم الى موقع ترجيح في اختيار الرئيس التوافقي يتوقف على خطأ يرتكبه باسيل في استعمال أوراق قوته و وجهة هذا الاستعمال .
- يشكل باسيل مع نواب تكتل لبنان القوي ضرورة لا غنى عنها لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما في حالة تعطيل النصاب ، وضرورة لا بد منها للإقتراب من الأغلبية اللازمة للفوز برئيس ، فالثنائي والحلفاء دون باسيل لا يبلغون ال 43 نائبا ، ودون باسيل لا يقتربون من ال65 نائبا ، لكن بالمقابل إذا أساء باسيل استخدام أوراق القوة هذه بسبب خطأ في الحسابات ، يصبح مرور الوقت في ظل الفراغ الرئاسي ومخاطر استمراره ، سببا كافيا لبدء تشكل أغلبية بدونه بالتشارك مع الآخرين لحساب مرشح رئاسي لا يد له فيه ، ولا ضمانات عنده حول سلوكه إلا الالتزام الأخلاقي لحزب الله في شروط منح الموافقة على التسمية ومراقبة الأداء ، سواء كان هذا المرشح التوافقي قائد الجيش العماد جوزف عون ، الذي قد تدفع ظروف الانفراجات الاقليمية والدولية في أسباب تزيل التعقيدات من طريقه ، وترفع الأزمات وتفاقهمها من حظوظه ، أو كان مرشحا آخر من نادي الأسماء التي يتم تداولها تحت عنوان التوافق .
- يفترض باسيل أن ما يطرحه من دعوة للتفاهم بينه بين المرشح سليمان فرنجية يشكل مخرجا واقعيا في مقاربة الاستحقاق الرئاسي يفترض أن يرضاه فرنجية ويقبله الثنائي والحلفاء ، لكن هذا الطرح يعني عمليا شيئا واحدا وهو وضع الفيتو على وصول فرنجية ، ولن يقابله إلا فيتو يملكه فرنجية لدى حلفائه عندما يقطع عليه طريق الوصول للرئاسة ، ويضعه على كل مرشح يقدمه باسيل ، وتكون الحصيلة تمديد الفراغ بالعجز عن إنتاج مرشح رئاسي يمتلك ما فوق ال60 صوتا ، يبدأ التشاور حوله مع الكتل الأخرى لتأمين النصاب وضمان الأغلبية ، بصفته مرشحا توافقيا لا مرشح تحدي ، والسؤال هو أيهما أفضل لباسيل فرنجية أم مرشح آخر ؟
- العلاقة بين فرنجية وباسيل مليئة بالتعقيدات المعروفة ، لكن التفكير السياسي الهادئ ينطلق من حسابات مختلفة ، وباسيل يحتاج رئيسا صلبا يثبت عند التزاماته ، ويضمن تنفيذ تعهداته ، خصوصا عندما تقدم أمام الحلفاء وفي طليعتهم ثنائي أمل وحزب الله ، وأي مرشح آخر سيكون عرضة للضغوط للتنصل من أي التزامات يقدمها مسبقا لباسيل ، يصعب ان يثبت ويصمد بوجهها ، وخير دليل ما يقوله باسيل نفسه عن الذين قام بتسميتهم لمسؤوليات كبرى عسكرية وقضائية ووزارية ، و يتهمهم بالانقلاب عليه وعلى الرئيس ميشال عون ، ولم يكن أي منهم يواجه ضغوطا كتلك التي يواجهها من يشغل منصب رئيس الجمهورية ، وباسيل يحتاج رئيسا يملك ما يتيح له اعتبار الحصة الوزارية المسيحية منطقة يملك التصرف بها بالتعاون مع الكتل النيابية المسيحية الكبرى المشاركة في الحكومات ، وفي ظل استبعاد مشاركة القوات ، سيكون أمر الحصة المسيحية الحكومية بين فرنجية وباسيل ، وليس الأمر ذاته عندما يكون الرئيس غير فرنجية .
- يعتقد كثيرون أن مرور نهاية عهد الرئيس ميشال عون دون انتخاب رئيس ، سترفع حظوظ ترشيح قائد الجيش ، وثمة وجاهة في الأسباب لذلك ، وإذا أخذنا في الإعتبار معنى التراجع الأميركي عن منهج الضغوط الذي ترجمه اتفاق الغاز في لبنان ، وتبعته بسرعة الاستحقاقات العراقية التي كانت مؤجلة ، وربما تتبعه تطورات سورية ، ويمنية ، و اميركية ايرانية ، بحيث لا تبقى أسباب موجبة قوية لدى المقاومة للقلق من وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية ، لكن يبقى لدى باسيل الحق بالتحسب ، مهما خلصت نوايا قائد الجيش تجاهه وتجاه التيار ، من انتقال كل الشريحة التقليدية للتيار التي غادرته خلال سنوات ، لتتجمع وراء الرئيس العماد عون الثاني ، وتفرض بحضورها في الترشيحات النيابية والوظيفية صراعا حادا مع العهد الجديد .
- إذا بقيت الموانع التي تحول دون ازالة تحفظات المقاومة على ترشيح قائد الجيش ، وبسبب الرفض الحتمي لفرنجية لقبول التفاهم على مرشح مشترك ، مقابل رفض باسيل لقبول ترشيح فرنجية ، ستنتقل عملية الاختيار الى مربع آخر هو ثنائي الفاتيكان وبكركي بالتفاهم مع ثنائي يمثله تفاهم الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط ، يبقى أن أقل من ثلاثة أسابيع ستكشف المحطة الأبرز لذكاء الخيارات لدى لاعب سياسي بارع طالما تميز بذكائه هو جبران باسيل .
2022-10-14 | عدد القراءات 1005