قراءة ميزان القوى بين موسكو واشنطن
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- منذ بداية الحرب بين موسكو واشنطن من البوابة الأوكرانية وصولا إلى بوابات الغاز والنفط ، وفي العالم قراءتان متعاكستان لموازين القوى التي تفرزها وقائع المواجهة ، بين من يقول إن موسكو تتفوق بقوة صمودها بوجه العقوبات الغربية ونجاحها بتفادي السقوط بالضربة القاضية والنجاح باحتوائها ماليا كما تقول أسعار صرف الروبل التي سجلت تحسنا بدل الانهيار ، ويضيف أن الرهان الروسي على الانهيار الأوروبي الاقتصادي والانهيار العسكري الأوكراني خلال الشهور القادمة يفسر التباطؤ في العمل العسكري الروسي البري هجوميا ، ومن يقول بالمقابل أن واشنطن نجحت بتحويل أوكرانيا الى حرب استنزاف لروسيا وأن التفوق البري الأوكراني سيشكل عنصر تغيير في وجهة الحرب .
- الحسم في مثل هذه النقاشات يجب أن يستند إلى معايير لا يمكن الاختلال على مكانتها في تقدير الموقف ، ولا في تحديد وجهة الإشارة التي تقدمها ، وفي هذا السياق تبرز مواقف ثلاثة حلفاء شديدي الأهمية لواشنطن تصلح لتكون أدوات قياس حاسمة ، أولا تركيا العضو في حلف الأطلسي التي تذهب بعيدا عن واشنطن وتقترب أكثر فأكثر من روسيا تعبر عن قراءة قوامها أن الكفة الراجحة هي لروسيا ، وهذا معنى القرار التركي بالانضمام الى منظمة شانغهاي والبدء بإنشاء مركزا لتوزيع الغاز الروسي ، وثانيا السعودية التي لا جدال حول حجم حلفها مع واشنطن ولا التباس حول حجم الغضب الذي سببته لواشنطن بدورها في قرار أوبك بلاس تخفيض إنتاج النفط مليوني برميل يوميا ، ولا حول مصلحة روسيا بالقرار ، بما يعني قراءة سعودية تقول بأن واشنطن ليست في أحسن أوضاعها ، وأن موسكو تمثل وجهة مستقبلية أشد أهمية لا يجوز خسارة فرصة التقرب منها ، أما الجهة الثالثة والتي لا لبس بموقعها لدى الأميركي فهي كيان الإحتلال ، وفي ملف يخص أوكرانيا والحرب مع روسيا بالمباشر .
- منذ بداية الحرب في أوكرانيا والحيرة تحكم مواقف حكومة الإحتلال في كيفية التعامل مع مفردات الحرب ، رغم وقوف القيادات الإسرائيلية الى جانب القيادة الأوكرانية موضوعيا في حرب واحدة ، حتى جاء الطلب الأوكراني بالحصول على اسلحة إسرائيلية وما رافقه من تحذير روسي لقادة الكيان من المخاطرة بالتلبية لأن ذلك يعني تدمير العلاقة الروسية الإسرائيلية ، وجاء الجواب الإسرائيلي أمس على لسان وزير الحرب بني غانتس بالاعتذار عن عدم تلبية الطلب الأوكراني والتذرع باعتبارات عملياتية ، ولذلك معنى واحد وهو خشية الرد الروسي في حال القيام بالعكس .
- لو كانت روسيا تخسر الحرب لكان لحم روسيا قد بدأ نهشه من حلفاء واشنطن ، الذين بدأوا يستشعرون ضعفها ، ويسهرون على مراعاة كيفية بناء علاقاتهم المتوازنة بين موسكو وواشنطن ، ولا شيئ غير موازين القوى يفسر هذه "العقلانية " !
2022-10-19 | عدد القراءات 1035