بريطانيا أول الشتاء الأوروبي الساخن التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

بريطانيا أول الشتاء الأوروبي الساخن

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- بالإضافة لما تقوله مشاهد الشوارع الأوروبية المتحركة ، يقدم المشهد البريطاني صورة هي الأشد تعبيرا عن الأزمة الأوروبية ، حيث فشلت محاولات تقزيم الأزمة واختزالها بصفتها أزمة تقليدية حزبية أو حكومية ، أو أزمة تقنية مالية أو ضرائبية ، ولعل هذا هو المعنى الأهم لسقوط حكومة ليز تراس بعد أقل من شهر ونصف على تسلمها السلطة .

- ما سيحدث بداية هو محاولة أو محاولات اضافية للسيطرة على الأزمة باعتماد الطرق التقليدية ، أي تسمية مرشح بديل وتشكيل حكومة جديدة ، سواء جاء الاسم من الخزائن القديمة او من الجيل الجديد ، ومثلها محاولات تقنية متلاحقة مرة بخفض الضرائب ومرة بزيادتها ومرة برفع الفائدة ومرة بتخفيضها ، لكن النتيجة تبقى هي ذاتها أزمة متنامية متفاقمة ومستديمة .

- الأزمة هي ثمرة عجز الحكومات الأوروبية ومعها شرائح مهمة من الرأي العام في مجتمعاتها ، بفعل النظرة العنصرية ، عن فهم حقيقة أن الجغرافيا مستبدة ، وأن الانفراج في الأمن والاقتصاد في أوروبا يقومان على التفاهم مع روسيا وليس على التصادم معها ، وأنه طالما بقيت الأزمة الأوروبية الروسية فأزمة الاقتصاد الناتجة عن أزمة الطاقة إلى تصاعد ، وأن على الشركات وعلى العاملين وعلى المستهلكين أن يدفعوا الثمن ارتفاعا في الأسعار وزيادة في نسبة البطالة ، وتكاثر الشركات التي تعلن إفلاسها ، والشكوى من نقص التزود بالكهرباء وتراجع التدفئة في الشتاء .

- الرد على الأزمة تقليديا وتقنيا يعني في الوقت نفسه تأمين فرص العمل وتخفيض الأسعار وزيادة الأجور ، وتخفيض أكلاف الإنتاج ، وهذه استحالة ، وكل زيادة اجور تزيد التضخم وتخفض سعر العملة ، وتتسبب بزيادة كلفة الإنتاج وتقفل المزيد من الشركات ، وكل رفض تعديل الأجور ، يعني تخفيض مستوى المعيشة ، وكل زيادة في الفوائد لسحب السيولة النقدية سيتسبب بتراجع الاستثمار لارتفاع كلفة الاستدانة ، وبالتالي تراجع فرص العمل ، وأوروبا في حلقة مفرغة من الأزمات عنوانها واحد ، لاحل الا بالحصول على الطاقة بسعر مخفض فقط لا غير ، ولا مورد لهذه الطاقة المنخفضة الكلفة لا روسيا ، ولا طريق للحصول عليها الا بالتفاهم السياسي .

 

 

2022-10-21 | عدد القراءات 1087