الترسيم مع سورية وغلطة الشاطر التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

الترسيم مع سورية وغلطة الشاطر 

التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل

- من حسن الحظ أن جداول أعمال المسؤولين السوريين لم تسمح بتلبية طلب الجانب اللبناني بلقاء يبحث في ترسيم الحدود البحرية اللبنانية السورية ، بالتزامن مع وصول الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت ، وفي توقيت التمهيد لإنهاء ملف النفط والغاز في الحدود الجنوبية للبنان ، بتركيبة وفد يحاكي الوفد الذي تولى التفاوض حول الحدود الجنوبية دون مبرر لهذا التشابه ، فيما لا يحتاج الأمر سرعة وتسرعا ، ولا وفدا سياسيا ، ولا ضوضاء ترتبط بالإيحاءات غير الموفقة لمكانة العلاقة بين لبنان وسورية ، وكأن لها ترددات أميركية ، أو ترددات تناظرية بموازاة العلاقة العدائية مع كيان الاحتلال ، رغم أن هذه الإيحاءات على الأغلب ليست مقصودة من الجانب اللبناني المعني ، وهي على الأرجح أقرب لعجقة أم العروس الفاضية والمشغولة في زحمة الاحتفال بنتائج وانجازات ملف الغاز والنفط جنوبا ، خصوصا ان من يقف على رأس الضفة اللبنانية المعنية هو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، الذي لا غبار على مواقفه الطيبة تجاه سورية ، ولا على ثباته بوجه الضغوط الأميركية ، أو موقفه الحازم بوجه العدائية الاسرائيلية .

- الغريب العجيب هو في الأصوات التي رافقت الحديث عن فتح ملف الترسيم مع سورية ، وهو بالمناسبة ترسيم مسجل لدى الأمم المتحدة من جانب لبنان ، دون أي تفاوض سابق مع سورية ، على عكس ما جرى مع قبرص ، ويحاكي مع فعله الإسرائيليون مع لبنان بإيداع ترسيمهم المعتمد للحدود من طرف واحد الزم لبنان بايداع ترسيم مواز ، وبعض هذه الأصوات فتحت ملفات تسأل عن الترسيم البري ، وبعضها يرسم علامات استفهام حول موقف المقاومة التي دافعت عن حقوق لبنان بوجه العدو ، مطالبا بأن تفعل الشيء نفسه مع سورية .

- لهذه الأصوات الجواب ببساطة ، أن سورية لا تكون أخا وشقيقا قبل الظهر وعدوا في المساء ، فعليكم اختيار توصيف واعتماده نهائيا ، وبناء التخاطب على أساسه ، فإذا كان التوصيف هو العداء ، فلا تقيموا حسابا للمقاومة شريكا لكم ، وهي المقاومة التي قدمت دما عزيزا دفاعا عن سورية ، وتنظر إليها سندا وظهرا وشريك خيارات وحروب ، وعندها اركبوا ما في اعلى خليكم لتحصلوا على ترسيمكم في البر والبحر ، أما إن نظرتم لسورية كأخ وشقيق ، فلا مبرر "للزيطة والزمبليطة" ، ويكفي البدء بالبحث بلغة اخوة بين خبراء البلدين ، تناقش تقنيا بلا أي خلفيات سياسية ما يمكن بلوغه من تفاهم على معايير قانونية وتقنية موحدة  ، يسهل البت بالحدود على أساسها ، وهذا مختلف جذريا عما جرى مع العدو الإسرائيلي ، ويمكن له ان يجري وينجح مع الأخ والشقيق الذي تمثله سورية إذا كانت النوايا أخوية والبحث علمي مجرد ، وبلغة الأخوة يمكن للمقاومة أن تساعد بمكانتها المحترمة لدى القيادة السورية ، لتسهيل تجاوز العقد التي يمكن أن تظهر وتحتاج قرارا سياسيا ، ويعرف الذين رافقوا ملف تقاسم مياه نهر العاصي بين لبنان وسورية ، ان الرئيس الراحل حافظ الأسد حسم الأمر لصالح حصول لبنان على ما طلبه خلافا لرأي التقنيين السوريين ، من موقع الإيمان بالأخوة بين البلدين .

- ما كان يجب أن تقع الغلطة ، وغلطة الشاطر بألف لكنها من الأخطاء غير القاتلة ، والقابلة للتصحيح ، بوفد تقني مصغر يمثل وزارتي الطاقة والأشغال المعنيتين ، ويضم اليه السفير اللبناني في سورية ، وخبير من الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني ، ولتسهيل المهمة يمكن رعاية أعمال الوفد من شخصية كاللواء عباس ابراهيم مكلفة اصلا بالعلاقات الحكومية مع سورية ، يشكل السوريون مقابله وفدا موازيا ويبدأ العمل الهادئ ، وعند بلوغ أي عقدة تحتاج القرار السياسي يمكن الاستعانة بصديق هو السيد حسن نصرالله .

2022-10-28 | عدد القراءات 1091