فلسطين ولبنان والانتخابات "الإسرائيلية"
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لعلها من المرات النادرة ، إن لم تكن المرة الأولى ، التي نقرأ فيها التحليلات والتعليقات والتوقعات الإسرائيلية حول الإنتخابات التي ستقرر اليوم هوية الحكومة الجديدة ، ونجدها مليئة بالحديث عن دور لبنان وفلسطين بصفتهما ناخبين رئيسيين يرسمان مستقبل الصورة المستقبلية في الكيان ، وفيما ركزت بعض التعليقات على القلق من حرب سيبرانية تشن على مواقع اللجنة الانتخابية العليا في الكيان في محاولة لتعطيل المسار الإنتخابي ، تناول بعضها التبدل الملفت في موقف رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو من اتفاق النفط والغاز الذي رعته واشنطن مع لبنان ، فبعدما أعلن وعدا بالانسحاب من أي اتفاق يوقعه يائير لبيد يلبي مطالب لبنان ووصفه بالاستسلام ، اكتفى بتكرار وصف الاتفاق الموقع من لبيد بالاستسلام ، مكتفيا بالقول انه سيتعامل معه اذا أصبح رئيسا للحكومة كما تعامل مع اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية ، التي اعتبرها أمرا واقعا ، وصفها بالاستسلام لكنه لم ينسحب منها .
- يتهرب المتنافسون على أصوات الناخبين في الكيان من التباري في تقديم رؤى وبرامج كانت تزخر بها الحملات الإنتخابية ، حول كيفية مواجهة تحديات الأمن الإستراتيجي ، التي يجمعون اليوم على اعتبار لبنان مصدرها الرئيسي ، لكنهم يتجاهلون مجرد النقاش حول كيفية التعامل معه ، ويتوقع المراقبون أن يكون مفعول هذا التهرب تصويتا سلبيا يعبر عن نفسه بالعزوف عن المشاركة لدى جماعات واسعة ، اعتادت على التصويت سياسيا لصالح خيارات بحجم الاستعداد للحرب أو خطط بناء قدرات الردع ، أو التبشير بخطط التفاوض ، وكلها تغيب اليوم عن المشهد السياسي الإسرائيلي .
- يتقدم النقاشات الإسرائيلية الوضع في الضفة بالإضافة الى ارتفاع الأسعار ، وفي الملفين يتساوى المتنافسون في المسؤولية عن الفشل ، بل والأهم في عدم إمتلاك أجوبة قابلة للتداول أو قادرة على الإقناع ، ليتحول خطاب التنافس نحو الكشف المتبادل بين الفريقين عن فضائح ضعف الآخر وعجزه وفساده وعدم أهليته ، ولذلك عندما يرجح البعض تقدم نتنياهو لا يرجحون تقدم كتلته النيابية ، ويعيدون ذلك لشخصيته وموقعه التاريخي مقابل حداثة وركاكة شخصية منافسيه يائير لبيد و بني غانتس ، لكن الضفة الغربية تحضر من باب خلفي في الإنتخابات هو مدى تأثير الوضع الأمني على حجم المشاركة ، وحجم التأثير الذي سيملكه المستوطنون في تخديم خيارات التطرف التي تستقطبهم ، رغم كونها سياسيا مشاريع انتحارية على طريقة بن غفير الذي يبشر ب "حرب أهلية عربية يهودية" .
- للمرة الأولى تبدو "إسرائيل" عمياء في مواجهة استحقاقاتها ، لا تملك تصورا عن كيفية مواجهة مشكلاتها وأزماتها ، وبعيدة عن مناقشة القضايا الأشد حضورا بين النخب في الخطابات الانتخابية ، ومثال النقاش حول التراجع أمام المقاومة في لبنان الذي ينتهي عند الطرفين بالتسليم بالتعايش مع نتائجه ، رغم ربط الرفض بالاتهام بالاستسلام ، ما يعني أن التسليم بالعجز عابر للمعسكرات السياسية ، ومعها تسليم بمزيد من الالتصاق لدرجة الذوبان بالسقف الأميركي ، الذي لا يبدو بحال أفضل من الإسرائيلي ، فهو عراب الدعوة للتراجع والتسليم بالعجز ، كما عبر بوضوح المستشار الأول لشؤون الطاقة للرئيس الأميركي جو بايدن ، عاموس هوكشتاين الذي شغل منصب الوسيط في المفاوضات غير المباشرة مع لبنان ، بقوله إن السبب الرئيسي للتسليم للبنان ب 100% من طلباته ، هو السعي لتفادي الحرب التي كانت ستشعل البحر المتوسط وتجعل ممرات تدفق الطاقة أقل أمنا بين الخليج وأوروبا ، وتضرب خطوط الملاحة التجارية في كل المنطقة .
- في مرات سابقة كان الاعتبار العقائدي يدفع للقول انه مهما كانت نتائج الإنتخابات الإسرائيلية ، فإن شيئا لن يتغير لأن من سيفوز هو عدو وعنصري وعدواني ، لكن هذه المرة يدفع الإعتبار السياسي للقول ، أن لا قيمة لما ستحمله نتائج الإنتخابات الإسرائيلية ، لأن ليس بيد أحد من المتنافسين ، مهما كان الطرف الفائز ، القدرة على تغيير موازين القوى التي دمغت الكيان وجيشه بالعجز ، ووضعته في قوس هابط ، يزداد هبوطا ، بينما قوس المقاومة صاعد ويزداد صعودا ، والعبرة في الضفة ، بعد لبنان وغزة ، حيث تدور المواجهة في الأرض التاريخية التي تقول الرواية الصهيونية أنها يهودا والسامرة ، أي أرض الميعاد ، وينظر إليها أقل الفلسطينيين تشددا بصفتها أرض الدولة الفلسطينية المستقلة ، بينما يراها المقاومة قاعدة التحرير لكل فلسطين من البحر الى النهر .
2022-11-01 | عدد القراءات 1049