الموقف الفرنسي والرئاسة اللبنانية
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- تتميز المقاربة الفرنسية للقضايا اللبنانية عن شريكتيها الأميركية والسعودية ، وفيما تنجذب الحركة الأميركية نحو السكون السياسي وغياب المبادرات وتركز على حيوية التدخل لمنع الإنفجارات التي تهدد الأمن الإقليمي كحال الوساطة في ملف النفط والغاز ، تبدو السعودية بعيدة عن المشهد اللبناني في اهتماماتها الكبرى وتترك الباب مفتوحا للإختبارات التي يقودها سفيرها في لبنان وليد البخاري لإنهاء مرحلة ما بعد الرئيس سعد الحريري ، وبناء حلف مناهض لحزب الله ، والدخول على خط الرئاسة من هذا الباب ، وحتى يكتمل الإختبار فشلا أو نجاحا لا موقف سعودي يبنى عليه .
- في المسألة الرئاسية برود أميركي وحرارة سعودية ، البرود الأميركي ليس حيادا ، فالخيارات الأميركية لم تتغير ، لكن لا استعداد اميركي لخوض مواجهة أو قيادة تعطيل أو حشد تحالفات بل مراقبة ومواقف مبدئية وانفتاح على كل الفرضيات تحت عنوان التوافق وحفظ الاستقرار ، وهذا لن يتغير الى أن يتبلور في المنطقة مشهد مختلف نحو التسويات أو التصعيد فيصبح النظر للاستحقاق اللبناني من زاويته ، أما الحرارة السعودية فهو إصرار على الخيار الذي بدأ مع إقصاء الرئيس سعد الحريري والمضي بالرهان على احتواء التمثيل السني وتوظيفه في تشكيل أغلبية تقود المشهد ين الرئاسي والحكومي ، ورغم النتائج المعاكسة و المخيبة للرهان يتواصل الإصرار على تداول بدائل أملا بوقوع المعجزة ، والفوز برئيس مناوئ للمقاومة ورئيس حكومة برتبة موظف كبير .
- الفرنسيون يدركون مواقف الشريكين الأميركي والسعودي ، ويتحركون على قاعدة تفادي الصدام مع أي من الشريكين ، لكنهم يعيشون مجموعة هواجس تدفع بهم لتشجيع سرعة الإنجاز ، وتخفيض سقف التوقعات لجهة انتماء حاد للرئيس إلى معسكر حليف للثلاثي الأميركي السعودي الفرنسي ، والبوصلة هنا ليست موقف سمير جعجع بل موقف وليد جنبلاط ، الذي يشير إلى أن الحاصل الرئاسي المطلوب يجب أن يمر بالتفاهم مع الرئيس نبيه بري وينجذب إليه حزب الله ولا تعارضه بكركي .
- الفرنسيون يخشون ثلاثة مخاطر ، الأول هو أن ينتج عن التصعيد السعودي سقوف يصعب تجاوزها تقطع الطريق على تشكيل الأغلبية اللازمة لرئيس توافقي ، ينهي الفراغ ، والثاني هو أن يمتد الفراغ الرئاسي الى الشتاء وما بعد الشتاء ، وما يخفيه الشتاء من تطورات أوروبية سلبية تحت ضغط أزماتها ، ومن احتمالات تقدم في موقع روسيا الدولي وانعكاسه الإقليمي من خلال التواجد في سورية ، ينعكس تغيرا في المشهد السوري نفسه ، وصولا الى حضور روسي سوري في لبنان لا يزال محيدا الآن ، والثالث هو أن يتبلور تفاهم أميركي إيراني يتجاوز الشراكة الفرنسية والدور السعودي ، على خلفية المنهج الأميركي الذي قاد للقبول بمطالب لبنان البحرية ، وهو تفادي الحرب بدفع الفدية ، ويترجم هذا التفاهم في اليمن وسورية والملف النووي وصولا الى لبنان .
- لا يخفي الفرنسيون أن خيارهم نابع من قلق على مصالح فرنسا ومكانتها ، بعد الخسائر الإفريقية المتلاحقة ، والعجز عن تجاوز ضوابط أميركية تمسك بالعلاقة مع سورية وتحول دون أي انفراد ، كما لا يخفون أن موقفهم نابع أيضا من قراءة لمكانة حزب الله المتنامية سياسيا وشعبيا ، والتي توجها اتفاق النفط والغاز ، ومن قناعتهم بأن مشروع إنتاج غالبية مناوئة للحزب قد فشل فشلا ذريعا رغم المكابرة والإنكار ، وإن إمكانية إنتاج غالبية قادرة على صناعة رئيس جديد مستحيلة دون ثنائي حركة أمل وحزب الله .
- سبق للفرنسيين أن طرحوا التوافق على ترشيح سليمان فرنجية في مرحلة الاستعصاء الرئاسي بعد سنة ونصف من الفراغ ، قبل التفاهمات التي ضمت الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى تأييد ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة ، وإذا كانوا هذه المرة بعيدين عن مبادرة تبني ترشيح معين ،او طرح مبادرة معنية ، فهم يسألون جميع القادة اللبنانيين عن موقفهم من ترشيح فرنجية .
2022-11-05 | عدد القراءات 989