الاستقرار في لبنان أهم من أي تغيير
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- في لبنان ونظامه ونمط الحياة التي يفرضها على مواطنيه ، سواء في حالات الاستقرار أو الإضطراب ، ما يكفي لنشوء دعوات واسعة وشاملة للتغيير ، ولذلك يبدو مستحيلا توقع أن تموت الدعوات للتغيير ، في نظام قائم على التخلف الذي تشير إليه صيغة النظام الطائفي ، ونظام مشبع بالفساد ومتخم بالمحاصصة ، وبعيد عن أي تفكير جدي بالتخطيط وحسن إدارة الموارد ، والتغيير الذي يبدأ من الحركة المطلبية ولا ينتهي في الحركات السياسية الساعية لإحداث تغيير جوهري في النظام يضمن بناء دولة يستحقها اللبنانيون ، وتلبي لهم حقوقهم وتطلعاتهم .
- في كل مرة كان اللبنانيون يعتقدون أنهم يخوضون مخاض التغيير ، وتقول لهم الوقائع أن هناك مد شعبي داعم واسع لصالح التغيير ، كانت الأحداث اللاحقة توقظهم على تحول الحلم الى كابوس حيث لا يحول الفقر ولا تفشي الفساد ولا ضياع الأموال واتساع نطاق البطالة وتعمق المحسوبيات ، دون اصطفاف الأغلبية الشعبية وراء المتاريس الطائفية ، التي تشعل حروبا اهلية أو تنشئ انقساما وطنيا أشبه بحرب أهلية باردة ، تضع النقاش حول وحدة البلد على الطاولة .
- في كل مرة كان اللبنانيون يخوضون غمار مشروع للتغيير ، كانوا يكتشفون أن الخارج المعني بقوة بما يجري في لبنان ، من موقع لبنان وتأثيره على توازنات الصراعات الإقليمية وخصوصا أمن كيان الإحتلال والمواجهة معه ، لكنهم كانوا عندما يتموضعون طائفيا يذهبون للعب بنار التدخلات الخارجية بدلا من أن يردعهم التدخل الخارجي للبحث عن استعادة وحدتهم الوطنية ، على الحد الأدنى من التفاهمات الممكنة ، ولم تكن الاستحقاقات الدستورية المؤجلة إلا تعبيرا عن تعمق هذا الإنقسام ورهن لبنان تدريجيا لحسابات الخارج .
- العبرة الرئيسية التي قالتها التجربة اللبنانية ، هي أن شيئا ما حدث خلال هذه المسيرة المعقدة والمليئة بالخيبات والإخفاقات ، وهو أن صعود المقاومة في لبنان شكل عامل إشباع لحاجة الخارج المؤمن بالمواجهة مع كيان الاحتلال ، وعامل ردع للخارج الداعم لكيان الإحتلال وللكيان نفسه ، لكن ذلك لم يكن كافيا لتحقيق وحدة لبنانية حول المقاومة باعتبارها عنصرا رئيسيا من عناصر الاستقرار .
- التجربة تقول أن كل حلم بالتغيير مهما كان واعدا ، عندما يتسبب بهز الإستقرار فهو يدخل في مرحلة الفشل ، ويعيد لبنان إلى سياقات اشد تشوها و تجذرا في الطائفية ، فيضيع التغيير ويتهدد الإستقرار ، وهذا يعني أن كل وصفة للتغيير لا تتضمن رؤية واضحة لكيفية عدم المس بالاستقرار محكومة بالفشل ومصدر للخراب .
- في مقاربة الاستحقاق الرئاسي اليوم يطرح السؤال حول الخيارات ، والسؤال الجوهري هو أي من الخيارات يملك اعلى فرصة لتحقيق الاستقرار ، وفي قلب هذا الإستقرار الحفاظ على المقاومة ، ليصير بند الحفاظ على المقاومة مطروحا بوجه كيفية إدارة الصراع معها تحت سقف الاستقرار من قبل خصومها ، هو الشق الذي يخصهم من السؤال ، ويصير بند أعلى فرصة لطمأنة الخصوم حول الاستقرار مطروحا على حلفاء المقاومة وهو الشق الذي يخصهم من السؤال .
2022-11-08 | عدد القراءات 993