هل يمكن الجمع بين المعايير الرئاسية وتحقيق التوافق ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل

هل يمكن الجمع بين المعايير الرئاسية وتحقيق التوافق ؟ 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- يجتمع في خطاب جميع الأطراف السياسية التأكيد على مواصفات ومعايير يطلب توافرها في المرشح الذي يمكن أن يحظى بتأييد هذه الأطراف ، إلى جانب تأكيد هذه الأطراف على تمسكها بتحقيق التوافق حول اسم مرشح ، تسليما باستحالة تمكن أي تحالف واسع من المعسكرين الكبيرين اللذين جاءت بهما الانتخابات ، من جهة نسخة منقحة لقوى الثامن من آذار تضم التيار الوطني الحر ، ومن جهة نسخة منقحة لقوى الرابع عشر من آذار تضم اغلب نواب التغيير ، ، والواضح أن حجم الجبهة الأولى يتحرك بين 50 و 60 نائبا ، وحجم الجبهة الثانية يتحرك بين 30 و40 نائبا ، وما بينهما كتلة وسطية تضيق وتتسع لتضم ما بين 10 و30 نائبا وفقا لدرجة تطرف طروحات كل من الفريقين ، ويسعى الجميع لتمويه حقيقة استحالة الجمع بين المعايير الرئاسية لكل طرف وشرط التوافق الذي يشكل معبرا إلزاميا لانتاج رئيس جديد .

- ما لم يتم تبلوره بعد هو دفتر شروط رئاسي جديد يتناسب مع السعي للتوافق ، والواقعية السياسية تقول إن دفتر الشروط المطلوب يجب أن يصدر عن قوى الثامن من آذار بنسختها المنقحة التي تضم التيار الوطني الحر ، باعتبارها تشكل الكتلة الأكبر ، بمعزل عن نقاش من يملك الأغلبية ، ودفتر الشروط المطلوب يجب أن يجيب على متطلبات السعي لضم كتلة الوسط بسقفها الأعلى ، الذي يضم نواب اللقاء الديمقراطي ونواب كتلة الاعتدال أو لبنان الجديد وعدد من نواب التغيير ، وربما نواب الكتائب ، فهذه خارطة الطريق الوحيدة الممكنة لتشكيل أغلبية تضمن حضور الثلثين الذي يؤمن النصاب ، وتضمن ضمنا توفير غالبية التصويت بما يزيد حكما عن الأغلبية المطلقة المطلوبة ، فماذا يجب أن يتضمن دفتر الشروط الرئاسي المنشود كي يحقق الهدف ؟

- الأولوية هنا هي للتسليم بأن مهمة التغيير والإصلاح هي مهمة مجلسي النواب والوزراء ، وفي ظل الاتهامات القاسية التي تتبادلها القوى السياسية يشكل زج هذا الشرط ، مدخلا  لإفشال المهمة المتمثلة بانتخاب رئيس ، وتشكيل تحالف عريض يضمن وصوله الى الرئاسة ، والحقيقة أن تجربة الرئيس السابق العماد ميشال عون كافية للقول بما لخص به أسباب تعثر ما وصفه بالمسعى الإصلاحي ، وما يكرره قادة التيار الوطني الحر ، وهو أن أي مشروع إصلاحي لا يملك أغلبية نيابية تفرض له أغلبية وزارية ، لا يفيده وجود رئيس للجمهورية يؤيده ، وأن المطلوب هو رئيس يضمن الإستقرار أولا عبر إحترام توازنات المجلس النيابي في السعي لتمثيلها بإنصاف في أي تشكيلة حكومية ، حيث قرار الدولة ، وثانيا عبر إدارة الحوار بنزاهة وجدية سعيا للبناء على المشتركات ، وتحويلها إلى قرارات في مؤسسات الدولة ، وللحوار قضايا معلومة ، من الاستراتيجية الدفاعية والانقسام حول سلاح المقاومة ، إلى تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته ، باعتباره دستور البلاد والرئيس وحده يقسم على احترام الدستور ، وهذا يعني أن المرشح التوافقي يجب أن يتمتع بميزتين ، الأولى ان ينتمي الى خطاب يقوم على اعتبار الحوار طريقا لحل الخلاف حول سلاح المقاومة ، وليس من أصحاب خطاب نزع سلاح المقاومة ، والثانية أن يتميز بالصلابة والثبات أمام الضغوط الخارجية ، لأن الموقف من سلاح المقاومة كان وسيبقى موضوعا لهذه الضغوط  ، وأقرب وصفة لهز الإستقرار في لبنان هي تبني خطاب يدعو لنزع سلاح المقاومة ، ووصل رئيس للجمهورية من أصحاب هذا الخطاب .

- كمثال على المطلوب من خارج قوى الثامن من آذار ، ومن خارج الطائفة المارونية ونادي المرشحين ، شخص الرئيس رفيق الحريري حتى تاريخ اغتياله ، ومن بعده الرئيس سعد الحريري منذ اتفاق الدوحة حتى تاريخ انسحابه واعتزاله ، ولهذا السبب ، وشخص النائب السابق وليد جنبلاط منذ فتح قنوات الحوار مع حزب الله على قاعدة ربط النزاع ، وهذا لا يشمل بالتأكيد مرشحا من كنف هذه البيئة السياسية ، لأن المرشحين المنتمين إليها من أصحاب خطاب نزع السلاح ، ومن ينتمي منهم  لخطاب الحوار ، لم يختبر ثباته ولا اختبرت قدرته على تحمل الضغوط ، وهذا ينطبق على جميع المرشحين الذين ينتمون إلى ما يسمى بالصف الثاني أو المستقلين ، وهم إما دعاة خطاب نزع السلاح ، أو مشكوك بقدرتهم على تحمل الضغوط ، والتجربة تقول أن المرشحين سليمان فرنجية وجبران باسيل يتمتعان بالصلابة المطلوبة ، و يتميزان بالثبات ، وقد مر عليهما ما يكفي للتيقن من ذلك ، لكنهما مطالبان مع المعسكر الذي ينتميان إليه بإثبات أن ترشحهما ، لا يتم تحت عنوان انتصار فريق الثامن من آذار بالرئاسة ، بل تحت عنوان حفظ الإستقرار وإدارة الحوار ، وهذه ليس مجرد حملة علاقات عامة بل قناعة بأن هذه هي مهمة الرئيس الضامن للمقاومة ، أن يكون مديرا منصفا ونزيها للحوار الوطني ، وأن يمنع هز الإستقرار ، وأن يتصدى لأكبر خطر عليه يمثله استهداف المقاومة ، وهذا يستدعي أن يتقبل أحدهما أن المكان يتسع لرئيس واحد ، وأنه  لا يمكن الثقة بأن يشغله أحد سواهما ولو من بيئة اي منهما ، وأن من يجب ان يعقد له لواء الترشيح بينهما ، يجب ان يكون ضمانة الآخر من جهة ، والأقرب لشرط التوافق من جهة أخرى .

- أي بحث آخر يعني اعادة إنتاج تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان ، بكل ما حملت من مخاطر لهز الاستقرار ، انتج تموضع داعش والنصرة في الجرود ، وكلف لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته الكثير .

2022-11-09 | عدد القراءات 966