الأميركيون يصوتون ضد ترشيح بايدن وترامب
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- بعيدا عن النتيجة النهائية للإنتخابات النصفية الأميركية ، والتي تبدو متأخرة في سباق تقرره مئات الأصوات فقط ، في رسم صورة التوازنات النهائية لمجلسي النواب والشيوخ ، فإن ما يثيره هذا التوازن الهش من تشكيك بدأت طلائعه بنزاهة الإنتخابات ، وما يبشر به من انقسام عميق في المجتمع ، لم يخف حقيقة هامة ستكون لها تداعيات لاحقة خلال العامين المقبلين ، وصولا للإنتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024 ، التي يستعد للترشح لخوض غمارها كل من الرئيس الحالي جو بايدن ، والرئيس السابق دونالد ترامب .
- الإشارة الأولى التي حملتها نتائج الإنتخابات ، واستطلاعات الرأي التي جرت على هامشها ، هي أن تصويت الناخبين الأميركيين توزع بين اتجاهين متوازنين يملك كل منهما قوة دفع كبيرة ، الإتجاه الأول هو التصويت ضد ترشيح الرئيس بايدن لولاية ثانية ، والاتجاه الثاني هو التصويت ضد ترشيح الرئيس السابق دونالد ترامب بنية العودة مجددا إلى البيت الأبيض ، فعندما يقول 70% من المصوتين لكل من شبكة سي أن أن ، و مركز ويلسون للدراسات ، أنهم يعارضون ترشيح بايدن لولاية ثانية ، فهؤلاء ليسوا من الجمهوريين ، الذين يصعب لعيهم جمع ال50% للفوز بالمقاعد التي يدور عليها التنافس ، وعندما يقول 60% من هؤلاء المصوتين أنفسهم وفي ذات استطلاع الرأي للجهتين كل على حدة ، أنهم ضد ترشيح ترامب للرئاسة ، فهؤلاء ليسوا ديمقراطيين أيضا ، والحصيلة هي انه بدلا من الموجة الحمراء التي دعا إليها ترامب ، الموجة الزرقاء التي دعا إليها بايدن ، يرفع الأميركيون جمهوريين وديمقراطيين الكارت الأحمر بوجه بايدن وترامب معا .
- قد ينظر البعض إلى هذه الخلاصة كتعبير عن اتجاه لدماء الحزبين بقيادات شابة ، وقد يستعين هؤلاء على الاستنتاج بالمنافسة المبكرة التي شهدتها ولاية فلوريدا بين أنصار الرئيس ترامب وأنصار المرشح الجمهوري الشاب رون دي دي سانتوس (54 عاما ) ، والتي وصل خلالها ترامب إلى تحذير دي سناتوس من التفكير بالترشح لمنافسته رئاسيا ، وجاءت الانتخابات تظهر فوزا ساحقا لدي سانتوس بمنصب حاكم الولاية ، لكن التدقيق بخطاب دي سانتوس ومواقفه سيؤكد أنه نسخة أخرى عن ترامب ، وأن ما يجري هو من جهة تعبير عن اليأس من القيادات الراهنة التقليدية ، ومن جهة موازية تعبير عن بدء تشظي الحياة السياسية الأميركية ، بما قد يحمل في الإنتخابات الرئاسية المقبلة أكثر من مرشح من رحم الحزبين ، ولو تم ذلك بخروج بعض المرشحين من أحزابهم ، ووفقا لبعض المحللين لا شيء يمنع أن تكون هذه الظاهرة عنوان المشهد الإنتخابي القادم ، ليس في الرئاسة فقط ، فهناك من بدأ يتحدث عن محدودية وعجز نظام الحزبين في القدرة على احتواء تطلعات الأميركيين ، وأن تكون هذه آخر انتخابات تجري على أساس الانضباط بنظام الحزبين ، والبعض يقول ان المشهد السياسي الإسرائيلي الذي بقي لعقود محصورا بثنائية العمل والليكود ، يقدم نموذجا عن الإتجاه الذي تذهب االيه السايسة الأميركية في التشظي والتشقق .
- في العمق ، يشكل غياب قدرة الحزبين على تقديم حلول واضحة تعيد لأميركا قوتها كدولة عظمى تقرر مصير السياسات الدولية ، أو كقة عظيمة تقدم المثال لنموذج متفوق اقتصاديا وتقنيا واجتماعيا وثقافيا وأكاديميا ، الخلفية الحقيقية لفهم ظواهر عديدة ستحفل بها الحياة السياسية الأميركية ، داخل الحزبين وبينهما ، وداخل كل ولاية وبين الولايات ، وداخل كل عرق وبين الأعراق ، لأن أميركا التي كنا نعرفها لن تعود ، والأدوات التي كانت صالحة لفهم أميركا القديمة لم تعد صالحة لفهم أميركا الجديدة التي تتشكل تباعا .
2022-11-10 | عدد القراءات 955