لهم الحق أن يغضبوا ! نقاط على الحروف ناصر قنديل

لهم الحق أن يغضبوا !

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- بين 17 تشرين الأول 2019 و19 تشرين الثاني 2019 ، يوم انطلق اللبنانيون بمئات الآلاف غاضبين في الشوارع ، ويوم أدلى الدبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان بإفادته عن الحراك أمام الكونغرس الأميركي ، كان الشعب قد ترك الحراك ، وصار المشاركون بضعة آلاف ليصبحوا بعد أقل من سنة بضعة مئات فقط ، ما يعني أن الحديث عن 17 تشرين ليس حديثا عن الشعب الذكي الذي اكتشف الحقيقة التي قالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بأن السياق السياسي للحراك هو جزء من سياق الحرب الأميركية التي لم يعد خافيا أن الثورات الملونة أحد أبرز استراتيجياتها المعتمدة في القرن الواحد والعشرين ، بعد صدور عشرات الكتب الأميركية عن هذه الإستراتيجية المسماة بالجيل الخامس للحرب ، أو بالحرب الناعمة ، ولا بقي سرا أن المخطط يبدأ بتوفير بيئة هذه الثورات يبدأ بتفجير الاقتصاد وتدمير النظام المصرفي ، بعد الإمساك بمفاصله ، وملاحقته بشروط التصنيف إغلاق المصارف ، كما أوضح ديفيد شنكر عما فعلته إدارته تمهيدا لتفجير لبنان أملا بإسقاطه فوق رأس المقاومة ، والمخطط يمر عبر إنشاء وتشجيع إنشاء وتمويل المئات من تشكيلات جمعيات المجتمع المدني ، وربط مصيرها وتمويلها بقضايا تجعلها أدوات صالحة لخدمة المواجهة القوى المستهدفة ، مثل اموجة التي شهدناها منذ سنوات تحت عنوان النازحين السوريين ودمجهم لبنانيا ، وهو ملف تعتاش عليه مئات الجمعيات واصبحت بفعله معادية لمصلحة بلدها ، أو الترويج للمثلية وتوسيع نطاق المتأثرين بموجتها وتنظيمهم وتحويل غضبهم على رفض المجتمع لهم الى قوة منظمة يجري استخدامها في كل العالم ، ولبنان من ضمنه ، لتكون الفئة الأشد اخلاصا للمشروع الأميركي عقائديا .

- الحديث عن 17 تشرين في السياسة ليس حديثا عن الشعب الذي خرج لأيام مستبشرا بفرصة تغيير نظيف وبدأ بالجفاف تدريجيا ليبلغ النصوب في شهر ، بعدما توضحت الصورة الفعلية للمشروع الذي تشاركت في قيادته وسائل إعلام تم تمويلها واعدادها ووضعها تحت السيطرة وهي الأشد تأثيرا في لبنان ، مع عدد من الكوادر المغمورة  التي نشطت في حركة 14 آذار وتحولت إلى تشكيل جمعيات مجتمع مدني ، تعمل تحت الإمرة الأميركية ، تولت وسائل الإعلام التلفزيونية منحها الهواء لتحويلها إلى نجوم ، وتسويق خطاب كراهية مملوء بالسباب والشتائم ، وتسميته بالخطاب الثوري ،  فالحديث يدور اذن عن هذه القيادة ل17 تشرين ، وسائل الإعلام والتلفزيونية منها خصوصا ، ومعرفتها لا تحتاج الى ضرب مندل ، ولا تقييم هويتها وخريطة مواقفها وولاءاتها وصدقية مالكيها ، ليست مهمة معقدة ، وبالتوازي نجوم الحراك الذين كان مقياس شعبيتهم بالتدرج ، بحجم قدرتهم على الفوز بمقاعد نيابية في الانتخابات الأخيرة ، ولم يعد متعذرا معرفة أسمائهم ولا تاريخهم ولا فحص صدقيتهم ، وقد مضى عليهم نوابا شهورا عديدة ، بالإضافة طبعا الى الذين توهموا بالقدرة على تغيير مسار الحراك بصورة ايجابية عبر الانخراط في صفوفه ، ودعوا سواهم لهذا الإنخراط ، وفشلوا في مهمتهم وفي دعوتهم وفي الفوز في الإنتخابات .

- مقياس واحد يكفي لفهم حقيقة 17 تشرين ، وهو توزع نسبة تركيز وسائل الإعلام القائدة لها ، ورموز جمعياتها ، والنواب ابرزهم ، بين العداء لحزب الله والعداء للسياسات المصرفية ، التي أضاعت الودائع بما يقارب مئة مليار دولار ، وسرقت الفوائد المتراكمة وهي خمسين مليار دولار ، والمسؤولين عنها معروفون وهم قيادات النظام المصرفي ، في مصرف لبنان والمصارف ، ويسأل السياسيون من بعدهم ويحملون مسؤولية تسهيل السياسات المالية لكل من مصرف لبنان والمصارف ، أي المجرم ومن قام بتسهيل الجرم ، والعداء هنا يجب أن يكون بالأولوية للمجرم ، بالتدرج  للسياسيين بدرجة قربهم من المجرم ، فهل من جدال أو سؤال ، حول ان عداء قادة الحراك كان بالأولوية لحزب الله و بالتدرج للسياسيين بدرجة قربهم من حزب الله ؟

- هذا العداء الذي لا يفسره زعم التغيير ، وقادة الحراك أنفسهم كانوا في زمن التدفق الشعبي حولهم يطلبون من حزب الله المشاركة و يخاطبونه كقوة تغيير ، هو ذات العداء الذي يظهره الأميركي لحزب الله وللقوى السياسية بدرجة قربها منه ، ويسير خلفهم كل جماعة أميركا في لبنان ، دون أن يكون لديهم أي قدرة على إنكار دور حزب الله في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ودوره في مواجهة الإرهاب ، وصولا لدوره في استعادة الثروات البحرية وحق الاستثمار فيها ، ولا بالمقابل القدرة على تبرئة المنظومة المصرفية من العمل المنهجي لإسقاط لبنان لحساب الخطة الأميركية ، فهل يستطيع أحد منهم تبرير موقفه بغير كونه جزءا من سياق أميركي لتخريب لبنان ؟

- لهؤلاء الحق في أن يغضبوا ، فهم وتلفزيوناتهم  ليسوا أصحاب رأي يخالفون السيد نصرالله كما قالوا ، في تقييم الحراك ن بل هم جزء من قيادة الحراك التي إدارته بصورة لم ينخدع الشعب اللبناني بها ، ولا زالوا يقيسون مواقفهم بقياس البوصلة التي حركتهم يومها ، وهي البوصلة الأميركية دون أي شك ، ومن يريد البرهان فليسأل عن برامج الديمقراطية التي ادارها آدم ايرلي من الخليج وتدفقت عبرها ملايين الدولارات على التلفزيونات والصحف والمواقع والجمعيات والناشطين ؟

2022-11-14 | عدد القراءات 953