انهيارات مالية
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- خلال أيام متسارعة أعلنت شركة تويتر صرف نصف العاملين فيها ، وتبعتها فايسبوك ، ولم تتأخر مايكروسوفت ، والحديث عن لحاق غوغل بالركب قريبا ، والسبب معلن وهو الخسائر المتراكمة في زمن الركود بفعل تراجع الدخل الإعلاني والتجاري ، ما يعني أن سلسلة ما سمي بـ "رأس جبل الجليد الصاعد" في ناسداك ، أي بورصة أسهم التكنولوجيا ، تحول الى المنحدر الشديد القسوة ، لأن الخسائر المتراكمة والتراجع في المكانة يتحولان بسرعة الى انهيار في أسعار السهم ، وعندما يبدأ الإنهيار في كبريات شركات التكنولوجيا ، وسوف يجرف معه في طريق الهبوط الكثير من الشركات وأسهمها .
- بالتوازي انطلق مسار الانهيار في سوق العملات المشفرة ، التي تعيش أسوأ الأسابيع في عمرها ، وقد أفلست إحداها ، والخسائر في أسواق العملات المشفرة بمئات مليارات الدولارات ، من سوق تقدر بأكثر من تريليوني دولار .
- مسارات الانهيار في هذين السوقين تقول إن الاقتصاد الافتراضي ، الذي تشكل شركات التكنولوجيا والعملات المشفرة التي لا تستند قيمتها الإسمية التجارية الى قيمة ما تمتلكه من أصول ثابتة ، هو نقطة الضعف المحورية البنيوية في الاقتصاد الغربي المعولم ، والمهيمن على العالم منذ نهاية الحرب الباردة وتفكك الإتحاد السوفياتي ، وهذه الانهيارات هي ثمرة طبيعية لدخول الاقتصادات الغربية مراحل صعبة من الركود والتضخم تحت تأثير أزمة الطاقة التي بدأت مع وقف تدفق الغاز الروسي الى أوروبا ، وما نتج عن ذلك من أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة .
- لن تتأخر المصارف الكبرى في الغرب عن تلقي نتائج هذا الانهيار ، سواء عبر ما يترتب من تعسر في القدرة على سداد الديون للشركات المأزومة ، أو ما ستناله من ديون بأمل الخروج من الأزمة ، أو بالأموال التي تضيع في استثمارات البنوك في هذه الأسواق ، سواء في أسهم الشركات الخاسرة ، أو في العملات المشفرة ، وحجم الأزمة المصرفية الراهنة يقدر بتريليون دولار .
- لا تملك المصارف المركزية سوى رفع سعر الفائدة كسلاح تقني نقدي لامتصاص السيولة و لمواجهة التضخم ، والمصارف المركزية إذا قررت التدخل لمواجهة الافلاسات والانهيارات فعليها أن تضخ المزيد من الأموال ، وهذا سيزيد من التضخم ويحوله الى انهيار مواز .
- عندما تبدأ موجات الإنهيار تصيب المركز لن تستطيع الأطراف البقاء بمنأى عن التداعيات ، التي ستطال كل الدول والسواق في العالم بدرجة ارتباطها بالسوق الغربية وارتباط تداولها بالدولار الأميركي ، ولن تنجو إلا دول الأصول الثابتة ، و الدول المعاقبة أميركيا .
2022-11-14 | عدد القراءات 1046