كشفت السنوات الاربعة الماضية و هي سنوات ما سمي ربيع العرب النقاب عن قلق تركي داخلي يعتري الممسكين في السلطة و بالتحديد حزب العدالة و التنمية بابرز شخصياتها رجب طيب اردوغان الذي خاض استحقاقات مصيرية خصوصا انتخابات بلدية و رئاسية مع حزبه حيث لم تكن النتائج كما كان متوقعا فلا اردوغان بقي رئيسا للوزراء ولا الازمة بين حزبه و المعارضة هدأت .
حاول اردوغان الالتفاف على ما يجري في العالم العربي طورا و ابتداع شتى الطرق لمجاراة ما يجري من حوله طورا اخرحتى باتت تركيا بنظرالغرب و الجوار دولة اسلامية تخطو خطى التوسع على غرار السلطنة العثمانية فكان هناك على ما يبدو من يريد ان يحيي زمنا فات و ولى .
لم يحرج اردوغان على الاطلاق عدم مشاركته في الحرب على" داعش" او مكافحة الارهاب رغم قرب الخطر من حدوده , بل على العكس قامت الحكومة التركية بتصريحات رسمية بفتح الحدود امام مقاتلين اسمتهم ثورا لخوض غمار الحرب السورية كما فتحت ايديها امام المعارضة السورية الخارجية من ائتلاف و مسميات كانت اسطنبول راعيها الاول سياسيا و عسكريا حتى اطلق بعض المراقبين على اردوغان الخليفة الحقيقي بدل الخليفة ابو بكر البغدادي المفترض .
حكم حزب التنمية و العدالة في تركيا حوالي 12 عاما لم يطرح فيها قرارات
مريبة و بعيدة عن تركيا مثل ما قدمه هذا الحزب خلال السنوات الاربعة الفائتة بشخص رئيس البلاد اردوغان فبعد سلسلة قرارات حكومية غريبة عن تركيا العلمانية و تحديدا بعد رفع الحظر على ارتداء الحجاب في المؤسسات، والقيود على بيع الكحول وكذلك بعد العمل على إبعاد الجيش نهائياً عن الحياة السياسية ازداد الشرخ اكثر بين العلمانيين في تركيا و بين التيار الاسلامي الذي يمثله اردوغان و غول و مختلف شخصيات حزبه فاجتاحت تركيا اكثر من مرة تظاهرات عمت مختلف البلاد اكدت على ان الانفجار في تركيا يطبخ على نار المعارضة الهادئة .
اكثر القرارات المنافية لاي معالم الحرية التي ناقض نفسه اردوغان فيها باعتبارها ذريعة طالب الاسد فيها من جهة و امتنع عن تطبيقها من جهة اخرى كانت اعتقال 66 صحافيا تركيا من بينهم رموز كبار .
غضب الشعب التركي و نزل الشارع و الاحتجاجات التي تختفي و تظهر بين الحين و الاخر لا شيئ يؤكد انها قد اختفت بالكامل و عليه ليس على اردوغان سوى زخ دفعة جديدة من القرارات تبعد التهم عن حزبه .
ايقن حزب الحرية و العدالة ان محاولة اسلمت تركيا و اعتبارها دولة اسلامية ذو امتداد خارجي قد فشل خصوصا بعد فشل حلفاء العدالة و التنمية في الخارج من اخوان مسلمين في مصر و تونس و سوريا في فرض نفوذهم و كسب السلطة و صمود مشروع حلفاء ايران في سوريا و العراق بالمقابل .
ايقن اردوغان ان مشروع سلطنة جديدة في تركيا تمتد الى الخارج سيكون السبب الاسرع في اقتراب حزبه الى حبل المشنقة باسرع مما يتخيل لان الشارع التركي و المعارضة الجاهزة دائما للتظاهر جاهزة ايضا لاقتناص الفرص مع اعداء اردوغان للانقضاض و فرض اجندتها السياسية خصوصا مع بروز اكبر لتاثير خصم اردوغان اللدود فتح الله غولن المتهم من قبل العدالة و التنمية بالتحالف مع السعودية.
اقتنع اردوغان ... و سمح بما لم يكن ممكنا او متوقعا منذ 92 عاما في تركيا ليكون اكبر دليل على التغيير الجديد و اكبر دليل على ان هناك من يريد ان يخفف الاحتقان .
يعرف اردوغان ان السماح ببناء اول كنيسة في اسطنبول حدث لا يحمل اي لبس في نواياه ..فيقول لا اريد اسلمة تركيا و لا تغيير وجهها .
اخيرا منحت حكومة العدالة و التنمية المحافظة في تركيا ترخيصا لبناء كنيسة جديدة في اسطنبول للاقلية السريانية في خطوة تاريخية تحسب للدولة التركية منذ عام 1923 بعد القلق الذي ابداه بابا الفاتيكان بشأن مسيحيي الشرق و حقوقهم في المنطقة و بالتاكيد كانت قد تصاعدت مؤشرات القلق اكثر على مسيحيي تركيا بعد دعم الحكومة للمتشددين الاسلاميين
اسطنبول المدينة الرمز للاسلام و لاجمل اكبر و اعرق مساجد العالم ..
ستخرج منها اول كنيسة بعد 92 سنة و معها تخرج توبة اردوغان !
2015-01-05 | عدد القراءات 2360