الخط البياني الرئاسي عكس اللبننة
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- يسود الوسطين السياسي والإعلامي الحديث عن مقولة تبدو بمثابة المسلمة التي لا تقبل النقاش ، وقوامها أن الاستحقاق الرئاسي لم يكن يوما لبنانيا ، وأن جميع الأطراف المعنية تنتظر كلمة السر بإسم الرئيس التي تأتي في توقيت معين من الخارج ، وهذه المقولة تنفيها الوقائع اللبنانية التي تقول أنه في أحسن الأحوال يكون للخارج فرصة استثمار العجز اللبناني للدخول على الخط الرئاسي ، أو تسأم من هذا العجز وتخشى خطورة الأسوأ فتدخل على الخط ، وأنه نادرا ما كان التدخل الخارجي مبادرا ، ومن يستعيد تاريخ الرئاسات يعرف مثلا أن الرئيس سليمان فرنجية انتخب بلعبة لبنانية صرف ، وأن الرئيس ميشال عون كذلك ، وان الرئيس سعد الحريري سار بعكس المشيئة الخارجية التي يمثلها ودفع ثمن ذلك لاحقا ، وأنه عام 1988 اسقطت بكركي تفاهم أميركي سوري على انتخاب النائب مخايل الضاهر .
- يقول تاريخ الرئاسات اللبنانية أنه حتى عندما كان الخارج حاضرا بقوة ، فقد كان هناك دور لبناني فاعل ، ففي أكثر المراحل التي كانت المعادلة الخارجية حاضرة بقوة ، خلال ما بعد الطائف وتفويض سورية من الأميركيين والسعوديين ، كان التمديد للرئيس الياس الهراوي ترجيحا سوريا بين كفتين لبنانيتين ، تفاديا لمزيد من التأزم ، وعام 1998 كان انتخاب الرئيس اميل لحود تعويضا سوريا لحساب الكفة المقابلة عن خسائر هذا الترجيح ، وأنه رغم الدور الأميركي وأثر الاجتياح الإسرائيلي في انتخاب كل من بشير وأمين الجميل ، فان الاستعداد الداخلي لهذا الخيار الكتائبي الرئاسي بدأ مع عهد الرئيس الياس سركيس ومعونته .
- وفقا لهذه السردية بدأ الاستحقاق الرئاسي مع بدء المهلة الدستورية لبنانيا خالصا ، وهو مستمر بتضاؤل حجم اللبننة فيه ، كلما تفاقم العجز الداخلي عن إنتاج رئيس جديد ، ومع نهاية المهلة الدستورية تلقت اللبننة صفعة موجعة لكنها لم تسقط بعد ، رغم تراجعها ، ويؤكد الذين التقوا ويتلقون المسؤولين الدوليين و الإقليميين الذين يقال انهم يمسكون بالقرار اللبناني، ويديرون الاستحقاق، أن أحدا منهم لا يعكس مشيئة ادارة بلاده للدخول على خط الاستحقاق ، وأن أولويات دلو هؤلاء ليس بينها الرئاسة اللبنانية ، وأن أي وجهة تسلكها لبننة الاستحقاق قابلة للقبول في هذه العواصم ، وأن تسليم القرار للخارج يتم عبر مواصلة العجز والفشل بسبب عدم الواقعية في قراءة ثبات عناصر الاستعصاء واستحالة كسره بتكرار ذات الحسابات والمواقف ، وأن لحظة تدخل الخارج لن تكون على التوقيت اللبناني ولو وقع لبنان في الإنهيار ، و الحالة الوحيدة لنقل القرار إلى الخارج ستكون حصول تفاهمات دولية وإقليمية كبرى لا تتحمل المشاغبة اللبنانية ، وطالما أن هذا الخيار لا يبدو في الأفق فإن الرهان على تدخل خارجي ينقذ الاستحقاق ليس إلا سراب
2022-11-22 | عدد القراءات 961