الانقسام الجاري حول الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال مع حال شغور في رئاسة الجمهورية، سيتحول مهما قال المعنيون بالانقسام عن نياتهم الطيبة، إلى تجاذب طائفي يزيد حدة التوتر السياسي والطائفي في بلد لا ينقصه المزيد من المشاكل والهموم، ومهما تمّ استخدام تعابير ومفردات وطنية لتبرير المواقف المتقابلة، سوف ينزلق النقاش، وربما بنية مسبقة غير بريئة، فيضع البلد في مناخ انقسام وطني كبير، عنوانه مقام رئاسة الجمهورية المسيحي وصلاحياته غير القابلة للتجيير إلى حكومة تصريف أعمال يرأسها مسلم. ومقام رئاسة الحكومة وصلاحياته التي لا يجوز انتقاصها بداعي الدفاع عن صلاحيات رئيس جمهورية غير موجود.
ليس مهماً ما سيقوله دعاة الاجتماع حول أهمية القضايا التي تستدعي اجتماع مجلس الوزراء، وهي كما يقول المعارضون ليست مستجدة، وكانت قابلة للبحث قبل الشغور الرئاسي، وفي الحالتين سوف ترتب على الإصرار على عقد جلسة لمجلس الوزراء بذريعتها انقساماً وأضراراً تفوق الفوائد التي يمكن أن تترتب على بحثها إذا كان من فوائد. وبالمقابل مهما كانت الحجج التي يطرحها المعارضون فإن نجاحهم بتعطيل عقد مجلس الوزراء سوف ينتج حالة من الاحتقان الطائفي تفوق أضراره ما سوف يحتفل به المعارضون من عظيم إنجاز تحت شعار حماية حقوق المسيحيين من بوابة موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها.
الحياة الوطنية المريضة تجعل كل فريق يظن أنه يخوض غمار معركة مصيرية وطنية، وتجذر الحال الطائفي يلقي بغشاوة سميكة على العيون تجعل اللبنانيين جاهزين على الضفتين لسماع أطروحة مرجعياتهم وتردادها بصوت مرتفع، وسدّ آذانهم عن أي نداء للتعقل، لا بل إن الذين يطالبون بالبحث في القضايا وفكفكتها سوف يتهمون بالتخاذل من أحد الفريقين، ويرتفع مع حماوة الاشتباك الحديث عن الأخلاق، تحت شعار الوفاء للحلفاء، واتهامات الخيانة.
سيكون كافياً أن نشهد هذه المعركة الدونكوشوتية الحامية الوطيس لندرك معنى العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
2022-12-03 | عدد القراءات 946