تمرّ سورية هذه الأيام بواحدة من أشدّ الفترات صعوبة على مستوى توافر الكهرباء والمشتقات النفطية، وتترافق هذه الأزمة الضاغطة على الدولة السورية والمواطنين السوريين، مع احتجاز اليونان لناقلة نفط إيرانية كانت وجهتها سورية، لم يتم الإفراج عنها إلا قبل أيام، وبالتوازي مع تعقيدات تفرضها تركيا في مضيق البوسفور على عبور سفن النفط الروسية التي يمكن أن يتمّ تحويل بعضها إلى سورية.
القضية التي تثيرها الأزمة ليست في كيف يمكن للحلفاء المساعدة في إيجاد حلول لأزمة توريد النفط والغاز إلى سورية، بل في الإضاءة على جوهر الأزمة، وهو استيلاء الأميركيين بقرار من أعلى المستويات أعلنه الرئيس السابق دونالد ترامب، بالقول نحن نسيطر على حقول النفط والغاز وسوف نقوم بإدارتها، وحجم ثروة سورية من النفط والغاز رغم تواضعه كان ولا يزال كافياً لسدّ جميع احتياجاتها لتوليد الكهرباء وتوفير حاجات السوق المحلي من المشتقات النفطية، وتحريك عجلة الاقتصاد بالتالي.
تحرير حقول النفط والغاز السورية من الاحتلال الأميركي هو الهدف الذي يتوقف على إنجازه تحقيق الحلقة الراهنة من الحرب التي تتعرّض لها سورية منذ أكثر من عقد، وكما كان تحرير حلب عام 2016 مهمة تجنّدت لها سورية بشعبها وجيشها وساندها الحلفاء بكل ما لديهم، فوضعت إيران وروسيا ثقليهما ووضع حزب الله وسائر فصائل المقاومة كل الرصيد والقدرة، حتى تحقق الهدف، تتقدم اليوم مهمة تحرير حقول النفط والغاز السورية بهذا الحجم من الأهمية والأولوية، بحيث يعرف الأميركيون ومن خلفهم الجماعات الكردية المسلحة أن قرار تحرير حقول النفط والغاز يعادل قرار حرب، وأن من يقف في طريق تحقيقه يجب أن يكون مستعداً لخوض الحرب، والأميركي أول هؤلاء الذين يجب أن يعلموا ان زمن الضربات التي لا تسقط دماء انتهى، وأن عليهم الاستعداد للرحيل عمودياً او أجبروا على الرحيل أفقياً. وهذا استحقاق الثأر لمقتل القائد قاسم سليماني في ذكرى استشهاده، كما التزمته قوى وحكومات محور المقاومة.
الأميركي يسرق النفط السوريّ علناً بكل وقاحة، ويضع يده على قرابة 200 ألف برميل من النفط يومياً، أي ما يعادل خمسة مليارات دولار سنوياً، يتوزعها الضباط الأميركيون الكبار وحاشية من تركيا والجماعات الكردية، تشكل الاقتصاد السياسي لمافيا عابرة للحدود، تفسر وحدها الاطمئنان الأميركي الى أن كل الكلام التركي عن عملية برية وحسم عسكريّ لن يجد طريقه الى التحقيق.
يعرف السوريون أصدقاءهم من أعدائهم، ويعرفون أن من يسرق نفطهم، ليس كمن تقاسم معهم ما لديه ولا يزال، ويعرفون أن الطريق هو برص الصفوف مع الأصدقاء لمواجهة لا بدّ منها مع الأعداء.
التعليق السياسي
2022-12-15 | عدد القراءات 941