نتنياهو يستبعد التراجع عن اتفاق الترسيم

قبل شهرين تماماً، وقبل أربعة أيام من توقيع الأوراق الرسمية لوثائق موافقة لبنان وحكومة يائير لبيد لكيان الاحتلال على العرض الأميركي الذي حمله الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، وصف الرئيس المكلف بتشكيل حكومة الكيان الجديدة بنيامين نتنياهو اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بـ”المخزي”، معتبرًاً أنه رضوخ لمطالب حزب الله والسماح لإيران بالتنقيب عن الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية. وقال نتنياهو في كلمة متلفزة “هذا ليس اتفاقًا تاريخيًا، بل استسلام تاريخي”. وأضاف “يدور الحديث عن اتفاق استسلام مخزٍ من قبل (رئيس الوزراء يائير) لابيد و(وزير الدفاع بيني) غانتس لـ(الأمين العام لحزب الله” اللبناني حسن) نصر الله”.
عشية فوزه في الانتخابات جدّد نتنياهو في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي معارضته للاتفاق بوصفه «استسلاماً»، لكنه لم يتعهد بإلغائه. وقال في إشارة إلى رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس: «لم يرغبوا في إخراج الغاز من الماء على الإطلاق، والآن يريدون إعطاءه في اتفاق مشكوك فيه ومدهش الاستسلام لحزب الله». ورداً على سؤال إن كان سيلغي الاتفاق مع لبنان إذا أصبح رئيسا للوزراء، قال: «سأتصرّف في اتفاقية الغاز كما فعلت في اتفاقية أوسلو التي كانت اتفاقية استسلام أخرى سيئة من قبل الحكومة اليسارية».
في الحالتين بقي نتنياهو يردّد إن الاتفاق هو استسلام إسرائيلي أمام حزب الله، وغير تصرّفه المفترض كرئيس للحكومة من تبني إلغاء الاتفاق، الى التعامل معه كأنه غير موجود، عندما يتصل الأمر بالالتزامات الإسرائيلية، والإصرار على تحصيل كل المكاسب التي يضمنها لـ «إسرائيل» عندما يتعلق الأمر بالتزامات تجاه «إسرائيل» كما تعامل تماماً مع اتفاق أوسلو الذي وقع مع منظمة التحرير الفلسطينية.
بالأمس جدّد نتنياهو قوله إنه لن يقوم بإلغاء الاتفاق، لكنه غير توصيفه فلم يعد برأيه استسلاماً اسرائيلياً أمام حزب الله، ولن يتعامل معه بالتالي اتفاقية استسلام أخرى سيئة من قبل حكومة يسارية، كما وصف اتفاق أوسلو، بل اكتشف فيه فجأة أنه: «أمّن مصالح إسرائيل»، ما يعني التمسك بتنفيذه دون أي تعقيد أو انتقائية، فما الذي تغير؟
الذي تغير أن نتنياهو يستعدّ لتسلم مسؤولية الحكم، وهو يعلم أن أي تلاعب بتنفيذ الاتفاق سيرتب تداعيات قد تصل الى أخذ المواجهة مع المقاومة في لبنان نحو حرب شاملة، وأن الهدوء الهش على جبهة الشمال مرشح لجعلها تشتعل كنتيجة لأي عبث في تنفيذ الاتفاق، وأن لا مكان للغة العنتريات، عندما يتصل الأمر بالمقاومة في لبنان، وأنه طالما أن الانتخابات انتهت، فيجب التصرف وفق موازين القوى التي تجعل حكومته مضطرة للالتزام بموازين الردع التي أنتجت الاتفاق بمعزل عن الحكومة التي قامت بتوقيعه.

التعليق السياسي

2022-12-16 | عدد القراءات 1276