العيون على قمة عمان العراقية واللقاء السعودي الإيراني… واليمن قبل لبنان؟ اللقاء التشاوري ينتج مجلساً وزارياً قضائياً مصغراً… تحت سقف الصلاحيات الدستورية احتواء حادث العاقبية بعد وضوح مسار التحقيق… وسقوط الاستثمار السياسي
} كتب المحرّر السياسيّ
كما كل مرة، عندما ينعقد لقاء دولي أو إقليمي تنتشر التحليلات والتوقعات حول فرضيات ظهور مبادرات وتسويات تتصل بالأزمات اللبنانية، لم يكد يظهر فشل الرهان على زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون لواشنطن في إنتاج مبادرة فرنسية تحظى بدعم واشنطن لتسوية تنهي المأزق الرئاسي، حتى ظهر الحديث عن مبادرة أخرى ستخرج من زيارة ماكرون للعاصمة القطرية على هامش مشاركته في المونديال، وقبل أن يحسم الرهان سلباً، توجهت العيون نحو عمان حيث تنعقد خلال الأيام المقبلة قمة دول جوار العراق، ويتوقع أن يحضرها الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتتحدّث التحليلات عن فرضية لقاء مرجح بينهما على هامش القمة امتداداً للقاءات بغداد بين ممثلي الحكومتين الإيرانية والسعودية، التي وصلت الى منطقة تستدعي لقاء سياسياً عالي المستوى للدفع بالعلاقات خطوة إلى الأمام. وتغلب التمنيات اللبنانية وقائع أولوية الملف اليمني الذي يبدو أن المفاوضات حوله بلغت نقطة تتيح تتويجه بدعم مشروع تسوية ربما ينتج تعديلاً في تركيبة المجلس الرئاسي اليمني كمدخل نحو ربط تجديد الهدنة بمسار التسوية السياسية.
لبنانياً، احتوى اللقاء التشاوري الحكومي الكثير من تداعيات الجلسة الحكومية الأخيرة والسجالات التي أعقبتها، من دون التوصل إلى تفاهمات تحدد متى وكيف تنعقد حكومة تصريف الأعمال في ظل الشغور الرئاسي، وكيف تصدر المراسيم التي تترجم قراراتها، ومَن يوقع هذه المراسيم، ونقلت مصادر وزارية عن الاجتماع التشاوري التفاهم على ترك مهمة الإجابة عن هذه الأسئلة للجنة وزارية رباعية تضم القضاة الوزراء وهم محمد بسام مرتضى وبسام مولوي وهنري خوري وعباس الحلبي، الذي يمثلون ثنائي حركة أمل وحزب الله والرئيس ميقاتي والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي إضافة لصفاتهم القضائية التي تتيح بلورة تفاهمات تجيب على الأسئلة التي طرحتها الجلسة الحكومية الأخيرة، ولاحقاً أوضح مستشار رئيس الحكومة فارس الجميل، أن الرئيس ميقاتي لم يلتزم بعدم الدعوة لجلسة حكومية ولا بالتخلي عن صلاحيته الدستورية بوضع جدول أعمال الجلسة، مع الأخذ بالاعتبار أن صلاحيات رئيس الجمهورية الشريك لرئيس الحكومة قد انتقلت لمجلس الوزراء، على قاعدة أن مهمة اللجنة الوزارية استشارية لتقديم آراء وتصورات لحلول، لكن القرارات لن تسلك طريق التنفيذ إلا وفقاً للصلاحيات الدستورية، سواء لجهة توجيه الدعوة وشروطها وجدول الأعمال المقترح لها.
على مستوى تداعيات حادثة العاقبية التي انتهت بوفاة احد جنود الوحدة الإيرلندية في قوات اليونيفيل، ساهم التحقيق اللبناني بالتوازي مع التحقيق الأممي، في بلورة صورة ساعدت على الاحتواء، بينما كان المشهد السياسي الجامع في السعي لطي صفحة الحادث وتأكيد التمسك بالعلاقات بين الجنوبيين واليونيفل، ووضع الحادث في إطاره وتقديم التعزية لليونيفل وايرلندا بوفاة الجندي، بصورة أسقطت فرص الاستثمار السياسي التي اوحت أول أمس كأن هناك أزمة ستتدحرج وتكبر بين لبنان واليونيفل وصولاً للدول الغربية والأمم المتحدة، عبر توجيه الاتهام لحزب الله بتدبير الحادث لتوجيه رسالة اعتراض على دور اليونيفيل، وهو ما أسقطته كفرضية كل التحقيقات الأولية التي أدارتها اليونيفل والتي أجراها الجيش اللبناني.
وبقيت «حادثة العاقبية» محل اهتمام ومتابعة رسمية بانتظار استكمال التحقيقات الأمنية والقضائية لكشف ملابسات وظروف الحادث، فيما يعمل رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله على تطويق ذيول ما حصل وعدم تحميله أكثر مما يحتمل أمنياً وسياسياً عبر الاتصال بقائد قوات «اليونيفيل» في الجنوب لتطمينهم الى أن البيئة التي يعملون فيها لا زالت آمنة ولا خوف من التصعيد.
في موازاة ذلك، تولى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون احتواء التوتر والتأكيد على دور القوات الدولية في حماية الاستقرار على الحدود، فيما رحّل الملف الرئاسي الى العام الجديد من دون أن يختتم بأي مبادرة داخلية بعد تعثر الحوار ومن دون مؤشرات أو ملامح لمبادرة خارجية جرى الحديث عنها بالتواتر من دون أي شيء ملموس.
2022-12-17 | عدد القراءات 907