بين اجتماع الحكومة الذي ترتبت عليه أزمة سياسية وطائفية كبيرة، وقرار وزارة الصحة بإصدار تعرفة جديدة للدواء، صدّق اللبنانيون ما قالته الحكومة عن أن الاجتماع كان أكثر من ضروري، لأن القضية الرئيسية على جدول الأعمال تتصل بمسألة إنسانية ضاغطة هي تأمين أدوية السرطان والأمراض المزمنة، فحصل الاجتماع على تعاطف شعبي وإعلامي وربما سياسي على هذه الخلفية، أكثر من تسديد فواتير المستشفيات الخاصة التي كان يمكن تسديدها عبر مراسيم جوالة، ووفق بعض الخبراء الإداريين والماليين يمكن تسديدها بآلية تعتمد لصرف شيكات صادرة عن وزارة المالية وفقاً لجداول وزارة الصحة، بموجب تعميم خاص حولها من مصرف لبنان.
مع صدور تعرفة الدواء أمس، تبين كل الأدوية التي يتم تصنيعها محلياً والتي كانت تحظى بدعم شراء المواد الأولية للصناعة باعتماد دولار بسعر أدنى من سوق الصرف، بعضها بسعر 3900 ليرة وبعضها بسعر 8000 ليرة للدولار وفقاً لطبيعة المواد وحجم دخولها في الصناعة الدوائية حصراً، قد حرمت من هذا الدعم وأن أسعارها قد ارتفعت تقريباً بين 100% و150%، وتم تصوير الأمر أنه بسبب ارتفاع سعر الصرف، علماً أن سعر الصرف لم يرتفع بأكثر من 10%.
التدقيق في الأمر يكشف أن سبب هذا الارتفاع الهائل ناتج عن أن وزارة الصحة خصصت مبالغ دعم صناعة الدواء لتمويل شراء أدوية السرطان والأمراض المزمنة، واللبنانيون لا يمانعون بذلك ربما لو قيل لهم ذلك، ولم يتم بيعهم وهم أن اللبنانيين سيحصلون على الاثنتين، دعم الصناعة الدوائية وشراء أدوية السرطان والأمراض المزمنة، خاصة أنهم لم يكتشفوا خديعة واحدة بل خديعتين، فقد تبين أن تبرير اجتماع مجلس الوزراء بشراء الأدوية الملحة كان خديعة أيضاً لأن تدوير مبالغ مرصودة لتمويل قطاع الدواء في وزارة الصحة لا يحتاج الى مجلس الوزراء، بينما تخصيص مبالغ جديدة يحتاج إلى عقد اجتماع للحكومة.
يعرف اللبنانيون اليوم أنهم يقومون بتمويل شراء أدوية السرطان والأمراض المزمنة من كل فاتورة دواء يقومون بشرائها، ويعرفون أن عليهم مرة جديدة أن لا يصدقوا كل ما يقال لهم، بل أن ينتظروا ذوبان الثلج ويبان المرج ويعرفوا الحقيقة.
التعليق السياسي
2022-12-23 | عدد القراءات 940