بين التلميح والتصريح هناك محاولة للعب بعقول اللبنانيين وتصوير ارتفاع سعر الدولار نتيجة ما يسمّيه بعض كارهي سورية بتهريب الدولار إلى سورية. والبعض يقول أيضاً تهريب السلع بما فيها المحروقات الى سورية، لأن النظرية تلفيق وتزوير فيجب تفنيدها وتكذيب أصحابها، الذين تساءل بعضهم، ببراءة، كيف أن شركات تحويل الأموال لها فروع في سورية، متجاهلاً أن الويسترن يونيون لها فروع في كل العالم على سبيل المثال ولا يؤثر وجودها على سعر الصرف لكل عملة محلية في سوقها، لسبب بسيط، هو أن من يبيع الدولار في سوق فهو يستبدله بعملتها ليعود ويبيعها مقابل الدولار مرة أخرى، ولا يقوم بتخزينها، لأن تخزين عملة راكدة فوق طاقة مصارف مركزية في دولها فكيف بشركات تبغي الربح.
سنسير مع أصحاب الكذبة خطوة خطوة وفق طريقة تفكيرهم، بأن شركة قامت بشراء الدولار بكميات من لبنان ولنفترض مثلاً أنها سحبت مبلغ مئة مليون دولار من السوق مقابل عرضها ليرات لبنانية، لأن النظرية لا تقوم على عرض ليرات سورية مقابل الدولارات، وإلا سقطت فرضية التأثير على سعر صرف الليرة اللبنانية، وكان الارتفاع من نصيب الدولار على حساب الليرة السورية المعروضة. ووفق النظرية ذهبت المئة مليون دولار إلى سورية وبيعت مقابل ليرات سورية، فماذا ستفعل الشركة بالليرات السورية؟ الطبيعي أنها ستعود وتبيعها، ومقابل ماذا تبيعها، مقابل دولارات، فيكون حاصل العملية صفراً ما عدا الأرباح المحققة بالدولار التي ستعود مع رأس المال إلى لبنان.
تهريب البضائع كان مشكلة مالية يوم كانت البضائع مدعومة، سواء تمّ التهريب إلى سورية أو إلى سواها، فتكون بضاعة كلفتها دولار على التاجر وخمسة دولارات على الدولة، قد تمّ بيعها بأربعة دولارات في التهريب، فخسر الاقتصاد الإجمالي دولاراً في كل عملية، وزاد الطلب على البضائع المهربة الممولة من الدولة وزادت خسائرها الناتجة عن الدعم. لكن عندما رفع الدعم، ولم تعد الدولة طرفاً في الكلفة، صار التهريب إعادة تصدير لكن دون جمارك، وهذه طبعاً خسارة للدولة، ويجب منعها لهذا السبب، لكن لا تأثير لها على سعر الصرف، لأن عملية الشراء والبيع لا تتم بالليرات السورية بل بالدولار ومن يقبض بالليرات السورية يستبدلها بالدولار فور إتمام البيع،، والاستيراد يتم بالدولار أصلاً، والدولارات مع الأرباح تعود إلى لبنان لقاء بيع المواد المهربة.
التصويب على سورية سياسيّ ولا ذريعة له في قضية سعر الصرف إلا الكراهية واستسهال الاتهام لتبرئة الفاعل الحقيقي وإثارة غرائز الكارهين.
التعليق السياسي
2022-12-24 | عدد القراءات 1027