عذر أقبح من ذنب…والحد الأدنى اعتذار ووقف البرنامج
كتب ناصر قنديل
تناول برنامج قناة الجديد في فقرة ساخرة حادثة العاقبية بين أهالي بلدة جنوبية ووحدة ايرلندية من قوات اليونيفيل، مستهزئا بالحديث عن غضب الأهالي من سلوك الوحدة كسبب للحادث، من خلال تمرير معادلة كاريكاتيرية تقول إن عناصر اليونيفيل قد استباحوا أعراض نساء الجنوب برضاهن، فضاع الأصل والنسب واللون ، للقول عن أي أهالي واي غضب تتحدثون، والخلاصة ضمنا هي القول للقائلين برواية الغضب الشعبي "ضبوا نسوانكم عنهن بالأول".
ردا على الضجة التي أثارها البرنامج، قامت القناة عبر مسؤولين فيها واستضاف ضمن نشرة الأخبار مشاركة في البرنامج والسخرية، بتبرير فعلتها بمطالبة المعترضين بالتمتع بروح رياضية لتقبل ما وصفته بالمزحة، وقالت المشاركة بالبرنامج في توضيحها عبر نشرة اخبار القناة أنها لن تعتذر .
السياق الذي جاءت فيه الفقرة، هو سياق سايسي مرتبط بحادثة اليونيفيل، ويعبر عن موقع القناة المناوئ للمقاومة والمشتبك مع بيئتها منذ زمن أعقب سنوات كانت فيه القناة تعتبر صوتا للمقاومة وبيئتها، والفقرة بالتالي في سياقين تصادميين، ليس فيهما مجال للمزاح الودي ولا للملاطفات، وهي رسالة تحقير سياسية مقصودة ومتعمدة، بدليل مضمون التوضيح الذي حاول خلق الاعذار فجاء بعذر أقبح من الذنب.
العذر الأقبح من الذنب هو في كون الخطأ قائم على التحقير، فجاء العذر تعبيرا عن تعمد التحقير بالاستخفاف والاستهتار بمشاعر المعترضين والمطالبين بالاعتذار، والقول إن "الموضوع ما بيحرز عشو عاملين هالطوشة"، والسؤال ببساطة هو إذا كانت قضية المساس بالأعراض وانتهاك الكرامات والاعتداء على أخلاق شريحة لبنانية كبيرة ، "ما بتحرز" فهل يمكن أن نعرف ما هو "المحرز" ما دامت القناة وسواها من القنوات يعتبرون أي تهجم كلامي يتعرضون له "بيحرز" ؟.
بما أننا لا نعيش في مناخ إعلامي سليم وكل حديث عن القانون يتعرض لحملة تتخذ من حرية الإعلام عنوانا، فإن المعالجة تستدعي تحركا استثنائيا من وزير الاعلام والمجلس الوطني للإعلام والمديرية العامة للأمن العام بعنوان محدد هو الاعتذار العلني ووقف البرنامج الذي كان سبب الأزمة، لثلاثة شهور على الأقل تعبيرا عن احترام الذين أصابهم الأذى النفسي والمعنوي من الاعتداء ، دون أن يعني ذلك دعوة من يفكرون باللجوء الى القضاء بالعدول عن تفكيرهم.
2022-12-26 | عدد القراءات 1938