اكتبوا عن سورية ولها

ناصر قنديل
– خلال سنوات ما بعد تحرير حلب وتدحرج الانتصارات السورية العسكرية، تعامل الكثير من محبي سورية وأصدقائها والمؤمنين بدورها ومكانتها، وكأن الحرب عليها قد انتهت، وأن نصر سورية قد حُسم، وجاءت الخطوات الدبلوماسية لعدد من الدول التي كانت مسحوبة على حلف الحرب للانفتاح على سورية توحي أن الأمور تسير كما يجب نحو تعافي سورية واستعادة مكانتها. وصار السؤال متى تعود سورية الى الجامعة العربية، تعبيراً عن هذا المناخ، لكن بالمقابل تعامل أعداء سورية والمتربصون بها، على قاعدة أن العقاب على النصر هو حرب من نوع آخر، ووضعوا كل ثقلهم من أجل تنغيص فرحة النصر التي عاشها السوريون، ليظهر أن الأمر أشد تعقيداً، وأن تزاوج الاحتلالات الأميركية والإسرائيلية والتركية لما يقارب ربع مساحة الأراضي السورية، مع سيطرة كانتونات إرهابية كبيرة وصغيرة في مناطق من جنوب وشمال شرق وشمال غرب سورية، مع السرقة الأميركية للنفط والغاز السوريين، وفوق كل ذلك الحصار والعقوبات، هي عناصر حرب لا تقل خطورة عن أوجه الحرب التي عرفتها سورية من قبل، بل ربما تزيد عنها خطورة.
– خلال هذا العام تجمّعت عناصر وتداعيات هذه الحرب الجديدة، وتحولت الى معاناة يومية لكل مواطن سوري، خصوصاً في مجال الطاقة، فزادت ساعات انقطاع الكهرباء لعدم توافر الوقود اللازم، وشحت المشتقات النفطية من الأسواق، ولجأت الجهات الحكومية الى مزيد من الإجراءات القاسية في مجال التقنين، وتأثرت العملة السورية بضغوط كبيرة، وشعر السوريون بثقل الأزمة في دورة حياتهم، وبالرغم من أن أغلب السلع والمواد الاستهلاكية صناعة وطنية فقد تأثرت الصناعة الوطنية بأزمة الطاقة، وتأثرت أسعار منتجاتها بضغط هذه الأزمة، وتجندت لتوظيف هذه الأزمة والمعاناة الناجمة عنها، قنوات فضائية ومواقع فاعلة على وسائل التواصل الاجتماعي، لتفريغ انتصارات سورية من مضمونها، وتيئيس السوريين وطرح الأسئلة عن جدوى دفاع سورية عن سيادتها، وعن تحالفاتها، وعن موقعها المقاوم، وتغييب دور العقوبات الظالمة، وسرقة النفط، وإقامة الكانتونات التقسيمية، بل حاول البعض توظيف الأزمة للدعوة لمشاريع تقسيمية جديدة، وحاول بعض آخر توظيف الأزمة للدعوة لإعادة النظر بموقع سورية وتحالفاتها.
– ما يجب أن ينتبه إليه محبو سورية واصدقاؤها وحلفاؤها، هو أن المهمة لم تنته بعد، وأن القيادة السورية تقف وحدها أمام تداعيات الأزمة لضخ روح الصمود والصبر بين أبناء شعبها، وأن المعركة التي بذلت لربح أغلب وجوهها تضحيات جسام تحتاج لربح هذه الجولة الحاسمة الى المزيد من الجهود الصادقة والمخلصة لمؤازرة سورية ودولتها وقيادتها وشعبها، وإذا كان بعض المطلوب من الحلفاء هو المزيد من الدعم الاقتصادي لتخفيف أعباء الأزمة، والكثير من الدعم السياسي لعدم السماح لكل من تورط في الحرب على سورية باستغلال الأزمة لتحقيق أرباح سياسية على حساب ثوابت سورية وسيادتها، خصوصاً مع محاولات القيادة التركية وقادة الجماعات الكردية التقسيمية، ركوب موجة المساعي الروسية والإيرانية للبحث عن حلول سياسية للوضع في شمال سورية، فإن المطلوب من الأصدقاء والمحبين من النخب والأحزاب والإعلاميين والمثقفين، هو الكثير الكثير من الحضور، بالموقف والتحليل والشرح والكلمة، فما مضى من مراحل الحرب قال ما يكفي إن مثل هذا الحضور كان ضرورياً لربح الجولات السابقة، وهو أشدّ أهمية لربح الجولة الراهنة.
– في هذا السياق تأتي المبادرة التي تنظمها المؤتمرات العربية القومية والإسلامية والحزبية لدعم سورية والتضامن معها، بوجه الاحتلال والتقسيم والحصار والعقوبات، على قاعدة معادلة تقول بأنه إذا كان لا عروبة لا تكون فلسطين بوصلتها، فلا انتصار للعروبة وفلسطين بلا الانتصار لسورية وصولاً الى تحقيق انتصارها.
– «البناء» تطلق النداء لكل الذين تنبض ضمائرهم وعقولهم وقلوبهم بحب سورية والتضامن معها، ليشهروا أقلامهم وينزفوا حبرهم، وهي تفتح صفحاتها أمامهم لنشر ما يردها من مقالات وتعليقات ومواقف.

2022-12-28 | عدد القراءات 925