غالباً ما يكون الإجماع على شخص معين لعب أدواراً محورية في حياته العامة، بحجم ومكانة الرئيس حسين الحسيني، تعبيراً عن إحدى حالتين، المجاملة الاجتماعية التي يفرضها استحقاق الرحيل، أو ميوعة مواقف الراحل بما يجعله صديقاً للجميع وليس خصماً لأحد، لكن في حالة الرئيس حسين الحسيني ليس الأمر بهذه ولا بتلك، لأن الراحل رجل مواقف، شديد العناد دفاعا عن قناعاته، شديد القسوة في التعبير عن انتقاده، لكن الشهادة له تجمع مَن خاصموه ومَن شاركوه المواقف والخيارات. فمع رحيله يفتقد الخصوم خصومته التي تربك وتُحرج وترفع مستوى التحدّي، وقد كانت تليق به الخصومة، ومع رحيله يفتقد الأصدقاء صديقاً يمكن الاستناد إليه والاعتماد عليه، مليء العقل بالأفكار، طليق اللسان فصيح التعبير، دمث الرفقة.
في زمن الخراب الوطني العام يتذكّر الأصدقاء والخصوم في الرئيس الحسيني ثلاثاً لا يمكن أن يساوم عليها، نظافة يده من كل شبهة فساد، ونظافة قلبه من كل طائفية وعصبية وأحقاد، ونظافة عقله من أي لوثة أو شبهة تهدّد عروبة ووحدة البلاد. وفي الصفات فقد انتزع بلا شريك صفة ضمير السلم الأهلي وفكرة الدولة الوطنية. ومن هذا الموقع كان رئيس فريق “العتالة” في الطائف حتى ولد الاتفاق. ومن هذا الموقع اختار الثنائيات التي كان يأنس إليها ويرتاح في قلبها، ثنائية جمعته مع الراحل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رحمه الله، تقرأ تحت عباءة الإمام السيد موسى الصدر، في كتاب الإسلام والعروبة والمقاومة، بخصوصيّة إشكاليّة فريدة، وثنائيّة جمعته بالرئيس سليم الحص، حفظه الله، تقرأ في كتاب الدولة والدستور والإصلاح، بخصوصية إشكالية فريدة أخرى.
مع دخول لبنان في أزمة تاريخية بنيوية، سوف يحتاج الذين يريدون له الخلاص أن يقرأوا بإخلاص في كتاب الرئيس الراحل حسين الحسيني، رحمه الله، بين دفتيه، الإمام شمس الدين والرئيس سليم الحص، وهناك فقط تكمن الفرادة الإشكالية لشخصية بمكانة وحجم الرئيس حسين الحسيني، وحيث محاولات الاختزال في الخصال لابتكار قرب منه، وانتزاع بعض من وهج حضوره، محكوم عليها بالفشل.
خسر لبنان وخسرت العروبة وخسر الإسلام وخسرت المقاومة وخسرت الدولة وخسرت الوحدة الوطنية وخسر السلم الأهلي وخسر الإصلاح وخسر الطائف رئيس فريق “العتالة”.
التعليق السياسي
2023-01-12 | عدد القراءات 912