لن يتعب من يتابع قناة الجزيرة للوصول الى استنتاج مفاده أن هناك لغة جديدة في الحديث عن تركيا لا يمكن أن تأتي دون توجيه سياسي عالي المستوى، فهي لغة عابرة لكل البرامج والأخبار من جهة، ولغة لاذعة لا تنسجم مع ما سبق من مستوى من العلاقة بين تركيا وقطر.
جوهر الحملة التي تنظمها قناة الجزيرة على تركيا يرتبط بالتموضع التركي في سورية بصورة مباشرة، ولو أن الغمز القطري بدأ يطال العلاقة التركية الإسرائيلية بالتنمّر. وفي الشأن السوري صار المراسل المقيم في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة صاحب رسالة يومية في نشرات الأخبار لنقل الاحتجاجات المناوئة لتركيا، التي يقول المتابعون لها إنها تنظم لحساب قناة الجزيرة بتوقيت منسق معها وبتمويل قطري، كما جرى توجيه البرامج السياسية في القناة لجعل التموضع التركي في سورية واتجاهها للتفاهم مع الدولة السورية على حساب الجماعات المسلحة، عنوان حملة متعددة المواضيع، السياسية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.
الموقف القطري يأتي منسجماً مع التحذيرات الأميركية لتركيا من المضي قدماً في خطواتها نحو الدولة السورية بشراكة مع كل من روسيا وإيران، وهي تحذيرات تريد حصر حق التفاوض بالملف السوري بواشنطن، لأن القواعد الأميركية في سورية رغم العدد المحدود للقوات التي تشغلها لها أهمية استراتيجية في حساب المصالح الأميركية، سواء لجهة الاهتمام الأميركي بالأمن الإسرائيلي المتضرر الرئيسي من تداعيات تنتهي بالانسحاب الأميركي، أو لجهة المقاربة الأميركية لمرحلة ما بعد الحرب في أوكرانيا والحاجة للحفاظ على تقاسم الحضور مع روسيا في سورية.
ربما لم يضع الأتراك في حسابهم انقلاب قطر، لكن يبدو أن الدوحة قررت المضي قدماً في الانقلاب طالما انه طلب أميركي واضح، وصولاً لاستضافة قيادات الإخوان المسلمين ومؤسساتهم الإعلامية التي لم تعد موضع ترحيب في تركيا، لكن مشكلة قطر هي في تداعيات مثل هذه الخطوة خليجياً، وهي لم تكد تخرج من أزمة كبرى في علاقاتها بالسعودية والإمارات، وربما يكون الإزعاج القطري للسعودية عاد مطلوباً مع تموضع سعودي في منطقة لا تخضع كلياً للحسابات الأميركية، خصوصاً في علاقات السعودية بكل من روسيا والصين.
التعليق السياسي
2023-01-13 | عدد القراءات 960