بعيداً عن توقعات الخبراء حول مسار جبهات القتال، وعن التقدم العسكري الروسي النوعي في جبهة دونباس، أو ما يمكن أن يحدث على حدود بيلاروسيا، يقول الخبراء العسكريون لكل دول حلف الناتو، إن الحرب هي حرب مدفعية وصواريخ، وإن التكتيك الروسي الحربي يعتمد على ذلك، وإن الأوكرانيين حققوا بعض النجاحات لأنهم خاضوها على هذا الأساس، وحرب المدفعية هي حرب ذخائر، فماذا عن الذخائر؟
يقول خبراء الناتو إن روسيا تستخدم صواريخ الدفاع الجوي كصواريخ بالستية. ويقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس خلال زيارته لمجمع الصناعات الدفاعية، ما تنتجه روسيا وحدها من صواريخ دفاع جوي يعادل ما ينتجه العالم مجتمعاً. ويقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن توازن القوة النارية بين أوكرانيا وروسيا هو بنسبة واحد إلى عشرة طالباً المزيد من الذخائر، فماذا عن الذخائر الغربية؟
يقول أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف يحتاج الى تفعيل خطوط إنتاج جديدة ليتمكن من تجاوز أزمة نفاد الذخائر من مستودعات أعضائه، لمواصلة تلبية حاجات الجبهة الأوكرانية. ويقول الخبراء الاميركيون إن إنتاج معامل السلاح الأميركية يبلغ ثلاثين الف قذيفة هاوتزر سنوياً وإن الجيش الأوكراني يستهلك هذه الكمية خلال أسبوعين.
بالأمس كشف البنتاغون عن اللجوء الى مخزونه الاستراتيجي خارج الأراضي الأميركية لتدعيم الجبهة الأوكرانية، من مستودعاته في كل من كوريا الجنوبية وكيان الاحتلال، وسط قلق اسرائيلي وكوري جنوبي من مخاطر اندلاع حروب استنزاف مدفعية تفرض عليه استعمال هذا المخزون، الذي لن يستطيع الأميركيون تعويضه قبل سنوات، وقد سبق لجيش الاحتلال أن استعان بهذا المخزون في حرب تموز 2006 على لبنان، وحروب غزة 2008 و2013.
حكاية روسيا والناتو تشبه حكاية النملة والصرصور، وخلال صيف الانتظار الممتدّ لسنوات كانت النملة الروسية قد أنجزت خطوط الإنتاج التي تستعمل عائداتها اليوم، بينما كان الصرصور الغربي يغني ويلهو ويتفاخر، وها هو يكتشف في شتاء الحرب أنه عاجز عن مجاراة روسيا في توفير الذخائر اللازمة، بعدما تحدث كثيراً عن نفاد المخزون الروسي، يعترف اليوم أن الذي ينفد مخزونه هو الغرب وليس روسيا.
لا تحتاج روسيا للبدء بهجوم، وتكفيها مواصلة حرب المدفعية وتدمير المقدرات العسكرية والبنى التحتية والتجمعات القتالية للجيش الأوكراني ومجمعات الطاقة والاتصالات، لربح الحرب.
التعليق السياسي
2023-01-19 | عدد القراءات 930