نصرالله : خطوة إلى الوراء…خطوتان إلى الأمام في المواصفات الرئاسية
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- برغم التوضيحات المتكررة التي قدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول عدم
حاجة المقاومة لرئيس يحميها أو رئيس يغطيها، وحول أن القصد من رئيس لا يطعن المقاومة
في ظهرها ليس الحرص على المقاومة التي تعرف كيف تحمي نفسها من التآمر والطعن، بقدر
الحرص على البلد الذي سيضعه خيار الرئيس الطاعن للمقاومة في دائرة الخطر، ويعرض
سلمه الأهلي للاهتزاز، بمحاولته لوضع مقدرات الدولة في مواجهة المقاومة، بقي البعض يردد
مقولة ان المطلوب رئيس يحمي البلد لا رئيس يحمي المقاومة، فقرر السيد نصرالله التراجع
خطوة الى الوراء، ويقول بمعزل عن طعن المقاومة وعدم طعنها في المواصفات الرئاسية
تعالوا لنبحث معا أي رئيس نريد؟
- بدأ السيد نصرالله جوابه على سؤال حول ما إذا كان في قلب الانهيار، وما إذا كنا نتحمل ست
سنوات رئاسية عنوانها استمرار الحال على ما هو عليه، ليقول إن لبنان يحتاج الى رئيس لأنه
لا يستطيع تحمل المزيد من الانهيار والتدهور، ولأن مدخل كل مواجهة للانهيار هو مؤسسات
الدولة التي يبدأ تفعيلها من انتخاب رئيس جديد للجمهورية يليه تشكيل حكومة جديدة، لرسم
السياسات واتخاذ الخطوات باتجاه يضمن الخروج من الانهيار ووضع لبنان على سكة الحل،
والرئيس الذي يشكل انتخابه تمديدا للشلل في مواجهة المخاطر الداهمة التي تزحف بلبنان نحو
الأسوأ، يعني رصاصة الرحمة على لبنان واللبنانيين، لأن لبنان لا يحتمل هذا الشلل لستة شهور
فكيف يتحمل ست سنوات؟
- قدم السيد نصرالله في الجواب على أي رئيس نريد من أجل الخروج من الإنهيار، نسختين من
السيناريوهات المطلوبة رئاسيا، النسخة الأولى هي سيناريو ما يتعرض له لبنان من دعوات
للسير بسياسات يتداولها خصوم المقاومة تحت شعار دعوتهم لمواصفات الرئيس الجديد، وهي
رئيس يقبله الغرب وعلى رأسه الأميركي باعتباره الفريق الذي يمسك بالمعادلات المالية الدولية
وعبر كسب رضاه تنفتح أمام لبنان أبواب الحلول المالية، ورئيس يرضى عنه العرب وفي
طليعتهم الخليج وفي مقدمته السعودية، لأنهم من يملك المال ولبنان يحتاج المساعدات، وغضب
السعودية ومن خلفها الخليج على لبنان حرمه من هذه الأموال، ورئيس ان لم يذهب للسلام مع
كيان الإحتلال وصولا للتطبيع فعلى الأقل رئيس لا يعرض لبنان لامتحانات التوتر مع الكيان،
ورئيس يؤمن بالعمل مع صندوق النقد الدولي الذي يملك وحده الوصفة السحرية التي تفتح أمام
لبنان أبواب المؤسسات الدولية المالية والجهات المانحة، ورغم كون كل هذه المواصفات تنتخي
بوصفة الإبتعاد عن المقاومة وتصل إلى وضع رأسها على طاولة المساومة، وهو ما سبق
وقصده السيد نصرالله باختصار مواصفاته الرئاسية برئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها، قرر
السيد نصرالله تجاوز ذلك ومناقشة الفرضية بعيدا عن المقاومة وظهرها، فالتفت إلى الجغرافيا
القريبة حيث تقدم مصر مثالا لا يمكن تخيل قدرة لبنان على مضاهاته في ترجمة هذه الطلبات،
فهمهما فعل لبنان لن يصاف الى منزلة مصر في الاقتراب من الغرب وأميركا خصوصا،
ومهما فعل لبنان لن يصل الى مكانة مصر الخليجية والسعودية خصوصا، ومهما فعل لبنان فلن
يصل في تبريد الصراع مع كيان الاحتلال الى ما فعلته مصر عبر اتفاقيات كامب ديفيد،
ومصر سباقة في تنفيذ وصفات صندوق النقد الدولي، ليخلص للقول خذوا العبرة من مصرو
هي تنهار، ونريد رئيسا يجنبنا هذا الانهيار، اي ملك شجاعة القول لا لدعاة هذه الوصفات
البائسة التي لا تغني ولا تسمن عن جوع، ولاتأتي الا بالخراب.
- انتقل السيد نصرالله الى النسخة الثانية من السيناريو، وهي أنه مقابل الضغط والحصار من
الجانب الأميركي وتداعياته العربي والخليجية، هناك دول لم يستطع الأميركي إلزامها بالامتناع
عن تقديم الدعم للبنان، سواء بتقديم الهبات والمساعدات كحال هبة الفيول الإيرانية، أو تقديم
العروض الاستثمارية التي لا تكلف الدولة قرشا للنهوض بقطاعات حيوية في أي خطة نهوض
اقتصادية، سواء قطاع الكهرباء أو قطاع النفط أو قطاعات النقل، وأهمها العروض الروسية
والصينية، وهنا طريق الضغط الأميركي هو لبنان وليس الجهات المانحة أو المستثمرة، ولبنان
يحتاج رئيسا شجاعا يقبل المساعدات ويفتح الطريق أمام الإستثمارات، ولا يخضع لدفتر
الشروط الأميركي.
- الرئيس السيادي هو الذي يملك شجاعة اتخاذ الموقف بقياس المصلحة الوطنية، لا بقياس
المطلوب الممنوع خارجيا، ولذلك فإن التمسك بالسعي لإيصال رئيس بهذه المواصفات يستدعي
عدم التهاون مع محاولات الضغط لفرض المجيء برئيس "كيف ما كان" لأن رئيس ال"كيف ما
كان" هو رئيس تعميق الانهيار وتسريع السقوط.
2023-01-20 | عدد القراءات 903