حسناً فعل المدعي العام التمييزي غسان عويدات بإعلان القاضي طارق بيطار مكفوف اليد، وإبطال مفعول كل ما يصدر عنه، منعاً لمزيد من الخراب الوطني والقضائي، لكن ذلك لا يحجب حقيقة أن القضاء في حال انهيار.
يكفي أن قاضياً ظرفياً، كمحقق خاص في قضية معينة، لا صفة ثابتة له في المراكز القضائية العليا، تصرّف على مدى أكثر من عام بصفته ممثلاً حصرياً للمؤسسة القضائية دون أن يجد من يضع له حداً، حتى بلغ مرحلة إعلان الانقلاب الشامل وتنصيب نفسه قاضي القضاة.
سواء نجح مجلس القضاء الأعلى في وضع نهاية للتمرد الانقلابي للقاضي بيطار، أو انقسام المجلس وانتهى بالفشل، لأن حجم الأزمة أكبر من مجرد إنهاء شكلها الراهن.
الأزمة في القضاء امتداد لأزمة النظام، الذي يترنّح ويفشل سياسياً في انتخاب رئيس للجمهورية، ويعجز في الاتفاق حول شكل إدارة العمل الحكومي المؤقت، ويفشل مالياً في إصدار جملة الإجراءات التي تخفف وطأة الانهيار المالي، والنظام الذي ينهار على رؤوس اللبنانيين لن ينتج لهم القضاء الذي يستطيعون الثقة به وبقراراته.
من أولويات إعادة البناء التي يحتاجها لبنان عند الحديث عن أي خطة نهوض وطني، إعادة بناء القضاء، خارج النظرية التي تختصرها معادلة سلطة قضائية مستقلة، فما نحتاجه هو قضاء فاعل وقضاء عادل وقضاء نزيه. وهذه لها شروطها المالية والعلمية والأخلاقية والمهنية والإدارية، التي ليس شرطاً أن تختصرها معادلة السلطة القضائية المستقلة.
من يستطيع القول إن القضاء لم يظهر مستقلاً طيلة فترة تحقيقات انفجار المرفأ، لكن المشكلة أن القاضي المستقلّ عن الداخل، لا يضمن أحد استقلاله عن الخارج، بينما القاضي الكفوء والنزيه هو سلطة فردية لا تحتاج إلى نص.
التعليق السياسي
2023-01-26 | عدد القراءات 854