إيران قررت الرد على العملية الاسرائيلية في أصفهان… ومالي: متمسكون بالتفاوض مصرف لبنان يفشل بوضع خطة ضبط لسعر الصرف… والقضاء يملأ الفراغ جواباً على مبادرات جنبلاط وباسيل… الثنائي لا يقبل مقارنة معوض بـ فرنجية
} كتب المحرّر السياسيّ
مع معطيات تشير إلى تورط أوكراني أذربيجاني مع مخابرات الاحتلال في عملية استهداف موقع صناعي تابع لوزارة الدفاع في محافظة أصفهان الإيرانية، تبدو طهران على مسافة قريبة من قرار نوعيّ بتحديد نوعية ومكان الرد الذي تؤكد مصادر متابعة للموقف الإيراني أنه اتخذ ولا رجعة عنه، بمعزل عن الطابع الاستعراضي للعملية وفشلها في تحقيق أي هدف عملي، ووظيفتها السياسية عشية زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الى المنطقة، وسط رسائل أميركية واضحة ورسمية الى طهران تدعو الى استئناف المفاوضات حول الملف النووي، لأن طهران تعتبر أن المواجهة مع كيان الاحتلال من الثوابت التي تستدعي التأكيد كلما بدا أن زمن التفاوض مع واشنطن يقترب، وهذا أحد أبرز أسباب الرد الإيراني المتوقع على العملية الاسرائيلية، إضافة لقطع الطريق على أي سوء فهم يتصل بموازين القوى التفاوضية في حال عدم الردّ، ووفقاً للمصادر فإن طهران بدأت بجولة مشاورات لإبلاغ قرارها وتوفير الغطاء السياسي له إقليمياً ودولياً، ووضعت المصادر تحذير وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف من تسبب العملية الإسرائيلية بتعريض الاستقرار في المنطقة للخطر في هذا الإطار، بينما جاء حوار المبعوث الأميركي الخاص بإيران وملفها النووي روبرت مالي على قناة بي بي سي مليئاً بالإشارات إلى العودة للتفاوض مع إيران، ورفض مالي خلال اللقاء نفي عقده ثلاثة اجتماعات مع السفير الإيراني في نيويورك خلال الشهرين الأخيرين، رافضاً ربط مصير الملف النووي والمفاوضات حولها بالرهانات على الأحداث الداخلية في إيران، وضغوط بعض الجمعيّات الحقوقية الأميركية لواشنطن لجعل الأولوية لمساندة الاحتجاجات.
لبنانياً فشل المجلس المركزي لمصرف لبنان بإصدار قرارات مقنعة بجديتها وقدرتها على لجم العبث بسعر صرف الدولار، مكرراً تعاميمه السابقة، بينما بدا أن القضاء يحاول ملء الفراغ بإجراءات ملاحقة لبعض الصرافين أملا بأن تؤثر على حجم المضاربات على الليرة اللبنانية، بينما بقي اللغز المحيّر هو سبب العجز الأمني والقضائي عن وقف العمل بالتطبيقات التي تتولى تسعير الليرة مقابل الدولار، رغم أن عمليات تتبع هذا النوع من التطبيقات بالتعاون مع أجهزة قضائية وأمنية دولية قد قامت به دول مثل اليونان سابقاً.
سياسياً لا يزال المسار الرئاسيّ في دائرة الاستعصاء، رغم تصاعد دعوات التوافق والحوار، وتتقدّم مبادرتان حواريتان، واحدة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وثانية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تختلفان بالأسماء المتداولة، وتتقاطعان عند الدعوة للبحث عن بديل للمرشحين النائب ميشال معوض، والوزير السابق سليمان فرنجية. ورأت مصادر متابعة لموقف ثنائي حركة أمل وحزب الله، المعني الرئيسي بهذه الدعوات، أن الثنائي يرفض بقوة أي محاولة لوضع ترشيح فرنجية الذي لم يعلن والذي يملك مواصفات واقعية، وقدراً عالياً من القبول الدولي والإقليمي، في كفة واحدة مع المرشح معوض، الذي تنطبق عليه مواصفات مرشح التحدّي. وتقول المصادر إن الثنائي لن يقبل معادلة تعالوا نسحب معوض مقابل التخلي عن فرنجية، لأنها لا ترى إمكانية إيجاد اسم قابل للتسويق داخلياً وخارجياً كمرشح توافقي مثل فرنجية، وتقول إذا كانت عملية ترشيح معوض قد أدت ما عليها وانتهت مهمتها، فلا يمكن طلب ثمن سحبها من التداول، لأن فرنجية لم يوضع بالتداول بعد، وكيف يمكن مثلاً أن يقترح البعض مناقشة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون كحل توافقي، رغم أنه يحتاج الى تعديل للدستور، ويرفض تداول اسم فرنجية تحت هذا العنوان، رغم أن فرنجية كان مرشحاً مقبولاً عند الأطراف الداخلية والخارجية ذاتها قبل ست سنوات.
لا يبدو أن الهدوء الذي ساد البلاد بعد المعركة القضائية في العدلية وقصر العدل سيستمر طويلاً، بل إن المعطيات والمعلومات تؤشر وتنذر بأن ما حصل الخميس الماضي ليس سوى جولة من جولات الحرب ستشهد جولات أخرى خلال الأسبوع المقبل، وسط توجّه قضائي بتغطية سياسية لإيجاد مخرج قانوني لتنحية القاضي طارق بيطار عن ملف تحقيقات المرفأ وتعيين قاض آخر وفق ما علمت «البناء»، أو بالحد الأدنى إجباره على رفع قراره الظني الى المجلس العدلي وتقييده بمدة محددة وترك الملف بعدها الى المجلس العدلي لاستكمال المسار القضائي.
ووفق المعلومات، فإن جميع الأطراف يستعدون للجولة الجديدة من المعركة، فمن جهة القاضي بيطار مدعوم من واشنطن وبعض الدول الأوروبية وأطراف سياسية داخلية مصرّ على الاستمرار بالملف واستكمال تحقيقاته وإجراءاته ضد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وفي المقابل القاضي عويدات المدعوم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمرّ أيضاً بإجراءاته وخطواته بتطويق بيطار وتقييد عمله حتى كف يده كلياً عن الملف. فيما تتجه الأنظار الى الاجتماع المرتقب لمجلس القضاء الأعلى للبتّ بالملف، وذلك بعدما عجز المجلس عن الاجتماع الخميس الماضي بسبب التوترات الأمنية في الشارع وفي مكتب وزير العدل.
ووفق معلومات «البناء» فإن النصاب كان مؤمناً لانعقاد المجلس الخميس الماضي، لكن رئيس المجلس القاضي سهيل عبود تذرّع بالأحداث الأمنية في الشارع والمخاوف من تداعيات أي قرار سلبي يتخذه المجلس، وفضّل عدم حصول الاجتماع رغم وجود كل الأعضاء في قصر العدل وعلى مقربة من مكتب الرئيس، ووجود أغلبية لتنحية بيطار، لكن جرى استغلال أهالي ضحايا الانفجار وتضليلهم وزجهم في الشارع ضد القاضي عويدات واستقدام نواب الكتائب والقوات وكتلة التغيير لاقتحام مكتب وزير العدل وافتعال الإشكال للضغط على مجلس القضاء ما شكّل ذريعة للقاضي عبود لتطيير اجتماع المجلس.
وتشير المعلومات الى أن «ما حصل في العدلية الخميس الماضي سيتكرّر في أي لحظة لا سيما مع حلول مواعيد الاستدعاءات التي وجهها بيطار لعدد من الشخصيات السياسية والأمنية، وقد تندلع مواجهة بين كبار القضاة في قصر العدل وسط معلومات عن فتوى يجري تحضيرها للإجازة للقاضي بيطار بالانتقال من قصر عدل بيروت الى قصر عدل المتن واستكمال عمله منه كخطوة استباقية بحال إقالته وملاحقته، وبذلك يكون بمنأى من اي ملاحقة وعرقلة، ما سيؤدي الى انشطار كبير في الجسم القضائي».
2023-01-31 | عدد القراءات 903