ناصر قنديل
– ارتكب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خطأ جسيما في خطابه أمام حلفائه وقادة حزبه وجمهوره، عندما قال بتعطيل النصاب إذا توافرت فرصة تأييد 65 نائباً لمرشح يرضى به حزب الله. وهو يقول هذا الكلام بعد بيان رؤساء الكنائس المسيحية الذي اتخذ موقفاً حيادياً تجاه مواصفات وسياسة الرئيس العتيد، معتبراً أن الأولوية هي لانتخاب رئيس، وأن من يعطل نصاب الانتخاب يصيب الوجود المسيحي ودور المسيحيين إصابة بالغة. ويعرف الجميل أن ما قصده البطاركة هو أن يقبل جميع الفرقاء المعنيين في المجلس النيابي التنافس على جمع 65 نائباً، وقبول الخاسر بتأمين الـ 65 صوتاً بتأمين النصاب لانتخاب الرئيس.
– الخطأ الثاني للجميل هو أنه وضع الأمر في سياق معادلة غير صحيحة، فهو قال سنعطل النصاب على قاعدة نعاملكم كما تعاملوننا. والسؤال الذي يواجهه هو: هل هو وحلفاؤه امتلكوا يوماً تأييد 65 نائباً لمرشحهم وكان النصاب مشكلتهم، أم أنهم يقاتلون غياب النصاب كذريعة لمعركة غير موجودة. وإذا امتلك الجميل وحلفاؤه 65 صوتاً فهذا كافٍ كي لا يمتلك حزب الله وحلفاؤه 65 أخرى، لأن ليس في المجلس “اثنتين 65” على طريقة الفنان زياد الرحباني وسؤاله في أحد البرامج الإذاعية خلال الحرب الأهلية، كيف يؤيد 60% من اللبنانيين زعماء طوائفهم ويؤيد 60% من اللبنانيين إلغاء الطائفية، ليسأل هل يوجد 120%؟ والمعادلة ليست الآن في كيف يتمّ توفير النصاب بل في مَن يستطيع تأمين تأييد 65 نائباً لمرشحه؟
– خطأ الجميل الثالث هو أنه يقول إن حزب الله يأخذ وقته لترتيب وضع حلفائه، حتى يؤمن الـ 65 صوتا فيدعونا عندها على توقيته لنؤمن له النصاب لانتخاب الرئيس الذي يريده. والسؤال هو أليست هذه هي حال خصوم حزب الله، أنهم لم ينجحوا بعد في توحيد صفوفهم وتأمين الـ 65 صوتاً ليقوموا بدعوة النواب الآخرين إلى تأمين النصاب لتسهيل انتخاب رئيس يريدونه؟ وبمثل ما أن هذا لا يعيب خصوم حزب الله ومنهم الجميل فهو لا يعيب حزب الله وحلفاءه، بل ببساطة هذه هي اللعبة البرلمانية. أما ما يعرضه الجميل فهو عملياً القول، لقد فشلنا في جمع 65 صوتا لمرشحنا، فعيب عليكم أن تجمعوا 65 صوتاً لمرشحكم، وتعالوا لملاقاتنا على مرشح ثالث، فهل من الديمقراطية معادلة يجب أن تفشلوا مثلما فشلنا وإلا ينكسر التوازن؟
– الخطأ الرابع الذي وقع فيه الجميل، هو أنه تجاهل وتناسى أنه صاحب الدعوة الى انتخاب رئيس الجمهورية بنصاب الـ 65 نائباً بدل الثلثين، وكلامه موثق تحت قبة مجلس النواب، وسمعه اللبنانيون على الهواء، فكيف يستقيم احتجاجه على امتلاك مرشح منافس للـ 65 صوتاً، مع دعوته لاعتبار هذه الـ 65 وفقاً لقراءته الدستورية والقانونية كمحام من بيت قانوني عريق، نصاباً كافياً للانتخاب دستورياً، فأيّ نصاب يبقى ليعطله إذا تمّ الأخذ باجتهاده مع زملاء له مثل نقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف، وابن عمه النائب الكتائبي المحامي نديم الجميل، ونواب آخرين من مؤيدي ترشيح النائب ميشال معوض تناوبا على الحديث في جلسات عديدة.
– الخطأ الخامس الذي وقع به الجميل هو أنه تسرّع بالقول سنعطل النصاب، بدلاً من: سندعو لتعطيل النصاب، لأنه والحلفاء الذين يتشاركون التصويت للمرشح معوض لم يجمعوا إلا مرة واحدة ما يكفي من أصوات تكفي لتعطيل النصاب أي 43 صوتاً، في جلسة 17 تشرين الثاني الماضي، وإمكانية الجمع ترتبط بحلفاء يعرف الجميل أنهم غير متفقين سلفاً على الموقف من تعطيل النصاب، ويكفي أن نواب اللقاء الديمقراطي يتجهون للخروج من ترشيح معوض، وليسوا بوارد المشاركة بتعطيل النصاب، لمجرد أن هذه هي قراءة الجميل ورغبته ونتيجة انفعالاته، وبدلاً من السعي لتجميع الـ 65 صوتاً عليه أولاً السعي لتجميع الـ 43 صوتاً قبل أن يهدد بتعطيل النصاب، ووفقا لاحتسابه للنصاب بـ 65 نائباً بدل الثلثين يصير التعطيل بـ 64 نائباً؟
– الغضب والحقد أسوا موجّهين في السياسة، كما يقول بسمارك.
فيسبوك
2023-02-04 | عدد القراءات 935