حماية غربية لكانتون جبهة النصرة في مداولات مجلس الأمن… وتركيا تعلن عدم قدرتها الكتل النيابية تفشل في التوافق على جدول أعمال تشريعي يحقق النصاب… وبرّي يتريث خماسية باريس تنقل عجزها عن التفاهم على رؤية موحّدة… وتكتفي بنقل التحذيرات
} كتب المحرّر السياسي
كل يوم يحمل إشارة جديدة على أن الحصار الذي فرضته واشنطن على دمشق قيد التفكك، وأن العقوبات لم تعد تردع موج التعاطف عن التعبير بقوة الحضور السياسي والإنساني، سواء في الاتصالات التي يتلقاها الرئيس السوري بشار الأسد من قادة الدول أو في الطائرات التي تحطّ في مطار دمشق ومطار حلب محملة بالمساعدات، وأغلبها من دول كانت حتى الأمس تلتزم التحفظ في أي علاقة علنية بالدولة السورية؛ بينما يواصل أصدقاء سورية وحلفاؤها ما بدأوه منذ اليوم الأول للزلزال الذي ضرب شمالها، باعتبار أنفسهم شركاء لسورية في مواجهة الكارثة مهما طال أمد المواجهة للتداعيات ومهما بلغت كلفتها، حيث الرباعي الروسي الإيراني الجزائري العراقي، يشكل النواة الصلبة لهذه الشراكة وتنضم إليه يومياً دول جديدة، كما تقول المساعدات الإماراتية والحضور الرسمي الإماراتي في دمشق، بينما لا تزال مواقف عربية أخرى قيد التردد او الارتباك، وبعضها يشارك بخطوات خجولة، بينما الإمداد الشعبيّ يحمل طوفاناً يؤكد أن سورية في قلوب الشعوب أكبر بكثير مما هي في حسابات الحكومات، بينما يحضر وضع منطقة شمال غرب سورية الواقعة تحت سيطرة جبهة النصرة على طاولة العلاقات الدولية والإقليمية، حيث تعلن الدولة التركية عدم قدرتها على مواصلة تأمين الحماية والرعاية لكانتون جبهة النصرة، ولا تتردّد بالمقابل دول الغرب بالسعي لتوفير هذه الحماية، فيتحدّث مندوب فرنسا عن خصوصية يجب الحفاظ عليها بكل وقاحة، ويلوح بالفصل السابع متجاهلا ان مجلس الأمن لم يعد لعبة بيد الغرب مع التحولات الجارية على الساحة الدولية.
لبنانياً، يخيم الفراغ الرئاسي ويتمدّد ظله السياسي الثقيل شللا سياسيا وعجزا عن التقدم نحو معالجات يحتاجها لبنان في ظل وطأة أشد ثقلا للأزمة الاقتصادية والاجتماعية مع ملامسة سعر صرف الدولار لـ 70 ألف ليرة، وإصرار حاكم مصرف لبنان على ممارسة رمي المسؤولية على الآخرين، بينما تمضي المصارف في السعي للحصول على الحصانة القانونيّة بعدما بدّدت أموال المودعين وخانت أمانتهم، وجاء اجتماع باريس للدول الخمس التي قيل إنها ستبحث مبادرة لمواجهة الفراغ الرئاسي، مخيباً للآمال التي ارتفعت كثيراً حول ما سيصدر عنه، فتكشف جولة السفراء الخمسة للدول المشاركة على رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن الاجتماع الذي ضم ممثلي فرنسا وأميركا والسعودية ومصر وقطر، فشل في إطلاق مبادرة، فكان ما حمله السفراء هو مجرد تكرار للتحذيرات التي يعرفها اللبنانيون حول عواقب ما سيحدث مع تفاقم الأزمة والعجز عن التوصل الى توافق لبناني ينتهي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الإخفاق النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية عبر العجز عن تأمين نصاب توافقي بحضور ثلثي النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، بات معززاً بإخفاق نيابي في تكوين أغلبية كافية لتحقيق نصاب جلسة تشريعية عادية، وكان تأجيل اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي إلى الاثنين المقبل إعلاناً كافياً لصرف النظر عن توقع الدعوة لجلسة يوم الخميس، مع تريّث رئيس مجلس النواب نبيه بري في صرف النظر عن الدعوة بانتظار الاتصالات التي سيجريها هذا الأسبوع أملاً بتذليل العقبات قبل انعقاد هيئة المكتب الاثنين المقبل، والجلسة التي طار ولا يعلم ما إن كانت سوف تعقد لاحقاً، مخصصة للبت بقانون الكابيتال كونترول والتمديد للمدراء العامين ورؤساء الأجهزة الأمنية، كمخرج لتبرير التمديد الذي يلقى الإجماع للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والإخفاق سيفتح الباب لطرح سؤال كبير حول المخرج من الأزمة الناشئة مع المصارف وإضرابها في محاولة للتهرب من الملاحقة القضائية بانتظار إقرار الكابيتال كونترول الذي وقفت المصارف وراء تطييره سنوات، وقد وجدت فيه اليوم ضالتها لوقف الملاحقات القضائية، بتشريع تقييد حقوق المودعين في الوصول إلى ودائعهم.
وفيما لم تبرز أي معطيات إيجابية على خط ملف رئاسة الجمهورية، في ظل شبه شلل في مجلس الوزراء بسبب الخلاف على دستورية وشرعية انعقاد حكومة تصريف الأعمال في ظل الفراغ الرئاسي، يبدو أن التعطيل سيشمل السلطة التشريعية بعد رفض أكثر من نصف المجلس النيابي انعقاد جلسة تشريعية للمجلس.
ولم تنجح هيئة مكتب مجلس النواب التي التأمت برئاسة رئيس المجلس نبيه بري لتحديد جدول أعمال الجلسة التشريعية العتيدة، في التوافق على انعقاد الجلسة ولا على جدول أعمالها. إذ أبلغ عضو تكتل لبنان القوى النائب ألان عون وفق معلومات «البناء»، الهيئة، بأن تكتل التيار الوطني الحر لن يحضر الجلسة لان المجلس الآن، في ظل الشغور، هيئة ناخبة فقط ولا يشرّع الا عند الضرورة القصوى. وبحسب المعلومات فإن النائب عون أبلغ الرئيس بري قرار التيار بعدم المشاركة بالجلسة لسببين الأول أن المجلس هيئة ناخبة لا يجوز لها التشريع إلا بالحالات الاستثنائية والثاني تحفظه على جدول الأعمال الفضفاض.
لكن مصادر «البناء» كشفت أن «موقف التيار تغير من موافقة على الحضور الى الرفض بعد موقف حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع الذي حشر التيار في الزاوية في اطار المزايدات بين الطرفين على الساحة المسيحية، لكون التيار رفض جلسات مجلس الوزراء للسبب ذاته الذي يرفض انعقاد مجلس النواب، فلا يمكنه الرفض في الحالة الأولى والقبول في الثانية».
وإذ يشكل التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم محل توافق بين أغلب الكتل النيابية، لكن بعض النواب كما تشير معلومات «البناء» أبدوا تحفظهم واعتراضهم حيال إعداد قانون خاص باللواء ابراهيم ما يخالف العدالة والمساواة، فيما ربط آخرون موافقتهم بشمول القانون مواقع أمنية وإدارية أخرى كالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
وشدّدت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» على أن من يعطل الجلسة التشريعية يتحمّل مسؤوليته أمام المواطنين والرأي العام، لكن الرئيس برّي مصرّ على انعقاد الجلسة وسيسعى عبر اتصالاته مع مختلف الكتل النيابية لتأمين الأغلبية العادية للانعقاد أي 65 نائباً، موضحة أن الرئيس بري لم يدعُ الى الجلسة كي يُقال إنها تأجّلت، فلم يكن هناك جلسة بالأصل.
ولفتت الأوساط الى أن «الرئيس بري سيتحرّك لتأمين أغلبية وعندما ينهي تحركه سيقدر الموقف ويتخذ القرار بشأن الجلسة»، لكن المصادر لفتت الى أنه «صحيح أن الرئيس بري يقرّر موعد الجلسة ويدعو اليها لكن بالتوافق مع هيئة مكتب المجلس لا سيما لجهة وضع جدول الأعمال بما يرضي أغلب الكتل لكي تحضر الجلسة».
2023-02-14 | عدد القراءات 846