لا يمكن قراءة ما جرى في فرنسا او ما يمكن ان يجري اكثر من عمليات ارهابية او وضعه سوى في نفس اطار العمليات الارهابية المتفرقة و المتزامنة مع بعضها البعض في ايام متتالية مقصودة و في اهداف مدروسة و كلها حققت اصابات سوى في نفس الاطار .
بعد السعودية و تركيا اليوم تاتي فرنسا و استهداف لصحافيين في جريدة شارلي ايبدو اضافة الى اخرين و رجال شرطة و اكثر من 12 قتيل ..
ليس سهلا على الفرنسيين هذا المشهد و لكن الحديث اليوم ليس معهم بل مع حكومتهم .
العمليات الثلاث محترفة و مخطط لها مسبقا بدقة لكن عملية شارلي ايبدو لها طابع و معنى اخر فهي حصلت في وقع النهار عن طريق مسلحين جابوا الطرقات قاموا بتفريغ اسلحتهم فوق راس المستهدفين و قتلهم امام الجميع .
انها جراة و دقة و احتراف ما بعده حديث ..سينظر الفرنسي جيدا الى هذا المشهد ..سينظر جيدا الى هذا العبث و الاهتزاز الامني على ارضه .
هذا العمل الارهابي بكل المقاييس مدان لكن اسباب هذا التدهور الامني في فرنسا يعود فقط الى استراتيجية الحكومة و تعاطيها مع الارهاب في الشرق الاوسط خصوصا بما يتعلق في سوريا ففرنسا لم تختار مواجهة الارهاب يوما سوى بانتقائية فهي بعدما دخلت التحالف الدولي لمكافحة داعش كانت قد تعاطت في الملف السوري طرفا داعما لكل الارهاب الذي اغرق سوريا فدعمت و سلحت و دعت الى مؤتمرات لتسليح المعارضة السورية التي لم تكن موجودة اصلا و حشدت من اجل ان يتطور المشهد العسكري في سوريا . على اي حال يبدو ان الاخبار من فرنسا تتوالى و ستتوالى و لكن المفاجئ انها تتوالى بسرعة جدا فهناك اطلاق نار جنوب فرنسا و مصابين و انباء عن تفجير قرب احد المساجد في باريس ايضا ...
تعرف فرنسا و يعرف معها العالم ان الارهاب ينقل الى اوروبا عبر البحر المتوسط و خصوصا عبر سوريا و لذلك كان لا بد من كسر شوكة الارهاب في سوريا و التعاون لا لاجل سوريا فقط بل لاجل الجميع .
الامنيين الفرنسيين ليسوا بحاجة لكل هذا الشرح لان تقاريرهم كانت تدرك تماما معنى ان يمتلك الارهاب نفوذا على البحر الابيض المتوسط فكيف بالحال اذا كان للمتشددين المتطرفين في فرنسا اصلا موطئ قدم و مجتمع بحد ذاته ؟
بعد الذي جرى بات على فرنسا ان تدرك انه لا يمكن بعد الان الجمع بين العداء للارهاب و العداء لسوريا بنفس الوقت او الطريقة فالخطر لامس المحظور و مواجهة الارهاب تبدأ بسياسة واضحة لها في الشرق الاوسط فبلا تعاون مع سوريا وترييح العلاقات وازلة التشنجات وحل المعارضة بتسوية باقل الخسائرلا يمكن لحكومات الدول الاوروبية التي تعتبر الاقرب الى منطقة الشرق الاوسط ان تسلك طريق الامان في هذا الاطار .
انتهى وقت الترف الفرنسي و حان وقت السياسة و لم يعد مجدي بعد الان ان تكون فرنسا راس حربة في الحرب السورية و تماديها سلبا بمنع التوافق بين العراقيين اضافة الى المراوغة في الحديث مع ايران وصولا الى مد اليد الخفية من تحت الطاولة لجبهة النصرة فكيف هذا؟
كيف يمكن العمل بازدواجية مكافحة الارهاب في جهة و دعمه سرا من جهة اخرى ؟
الاكيد ان سوريا و العراق بعد اربع سنوات من الازمة استطاعا رسم معالم الخروج منها حتى لو كانت من دون انتصار نهائي الا ان الصمود بوجه الارهاب بات اكيدا ..ليبقى السؤال ماذا سيحل بحكومات و دول الغرب اذا ما كانت الجماعات الارهابية فعلا دخلت مرحلة التصعيد وتوسيع نطاق عملياتها في فرنسا و الدول الغربية ؟
ترتبط شارلي ايبدو ترتبط ارتباطا وثيقا بالشرق الاوسط و قلباو وسط الاحداث بسبب الزخم الذي اعطي للارهاب فيه و التقدم الذي حصل ما اسس لثقة بالقدرة و القوة على انه كارهاب اصبح ورقة قوية في هذا العالم بامساكه مفاصل حساسة و كل هذا بعد دعمه و تسليحه و فتح الممرات له من جهات ظنت انه الامكان حصره .
شارلي ايبدو ستغير معالم التسويات و معها الموقف الاوروبي من العلاقة مع سوريا ومع الرئيس بشار الاسد تحديدا.
2015-01-08 | عدد القراءات 2424