ناصر قنديل
– رغم الكلام الكثير للأطراف التي تتخذ العنوان السياديّ شعاراً لها عن عدائها لسورية، وعن قبولها للدور السعودي في الرئاسة، ولو تحت عنوان الفيتو السعودي الذي يبرّره هؤلاء بالحاجة إلى الدعم السعودي للبنان ضماناً لتحقيق نهوضه، ويضعون الارتياح السعودي للرئيس المنتخَب أحد شروط انتخاب هذا الرئيس، ليصبح كلما مرّ الوقت شرطاً وحيداً، على حساب اشتراط موازٍ بعداء الرئيس لحزب الله بداعي الشعار السيادي وترجمته في قاموسها حول سلاح المقاومة، لأن ظهور الاستعصاء الرئاسي والعجز عن تمرير رئيس دون شراكة حزب الله، خصوصاً بعد معادلة الأمين العام لحزب الله حول فرضية استعمال سلاح الفوضى لفرض خيار رئاسي عليه، ملوحاً بخيار الحرب على “إسرائيل” في مقابله، وهو ما يقيم له الغرب الحساب الكبير، ويسعون لتفاديه، كما يقول اعتراف الرعاة الخارجيين الذين اجتمعوا في باريس، بحتمية التشاور والشراكة مع حزب الله. وهؤلاء الرعاة هم الذين يضبط نواب “الرئيس السيادي” حركتهم على إيقاع مواقفهم، فيصبح لدفتر الشروط الرئاسي بند وحيد هو الرضى السعودي على الرئيس المنتخب.
– عملياً إصرار خصوم حزب الله على رئيس لا ينتجه التوافق مع الحزب، بل تنتجه الخصومة معه، لا يفعل سوى تعطيل لبننة الاستحقاق الرئاسي، ويفتح الباب مع قبول هؤلاء الخصوم بما يسمّونه دعم المجتمع الدولي والإقليمي، ويختصر بحق الفيتو السعوديّ، لربط الاستحقاق بزوال هذا الفيتو عن مرشّح يرضى به حزب الله، وهو ما يقول السعوديّون علناً أنه قابل للحدوث عند انتهاء حرب اليمن، التي يتهمون حزب الله بلعب دور محوري فيها، ويقولون إنّه في أفضل الأحوال الحاضن السياسيّ والإعلامي العربي لحركة أنصار الله في اليمن، وحزب الله غير مستعدّ لوقف خطابه الداعم لأنصار الله بوجه السعودية، ما لم تتوقف حرب اليمن، وهذا يعني مباشرة وبلا مواربة أن الاستعصاء الناتج عن رفض توافق البعض اللبناني الداخلي مع حزب الله رئاسياً يحيل التوافق الى العلاقة بين السعودية وحزب الله، ويربط الرئاسة بمستقبل حرب اليمن.
– عملياً يصعب تخيُّل حوار رئاسي بين السعودية وحزب الله، في اليوم الثاني لوقف حرب اليمن، لأن الملفات العالقة بينهما لا تختصرها الرئاسة، وفي طليعتها تصنيف حزب الله على لوائح الإرهاب السعودية والخليجية، كما يصعب تخيّل حوار سعودي إيراني بالنيابة عن حزب الله، لا تقبله إيران ولا يقبله حزب الله، ولا يناسب الموقف السعودي الداعي لعدم تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، ولا تتيح توقع مثل هذا الحوار حالة التنافس السعودي الإيراني في المنطقة التي سوف تستمر حتى لو تم بناء علاقة حوار إيجابي بينهما؛ ما يعني أن الاتجاه الذي نشهده في الحرب اليمنية نحو الحلحلة تمهيداً للحل، يحتاج وجود شريك للسعودية لمناقشة الملف اللبناني وفي قلبه الرئاسة.
– عملياً، كلام وزير الخارجية السعودي عن ما وصفه بالاتجاه الذي يكبر ويتعاظم عربياً حول ضرورة العودة إلى الحوار مع سورية، واختصره بمعادلة لا بدّ من دمشق، يعني أن العلاقة بين السعودية وسورية التي لحقت بها أضرار بالغة منذ أن انكسر التعاون السوري السعودي في لبنان عام 2005، ذاهبة الى التعافي. وتعافي هذه العلاقة ليس عادياً بالنسبة للبنان واللبنانيين، لأن تاريخ التعثر اللبناني يرتبط بتاريخ التعثر السوري السعودي. والتعافي في العلاقة السورية السعودية سيقع لبنان في قلبه حكماً، فكيف إذا كان هناك في لبنان مأزق رئاسي، وأصدقاء سورية أقل من نصف المجلس بقليل، ومثلهم أصدقاء السعودية، وليس بمقدور أي من الفريقين إنتاج الرئيس بمفرده، بينما يستطيعان ذلك معاً. وإذا أرادت السعودية أن تفرج عن الفيتو لقاء ضمانات تحصل عليها، فتاريخ العلاقة السعودية السورية الذي يزخر بأمثلة مشابهة ناجحة، يشجّع على تكرار التجربة.
– عملياً الذين يرفضون رئيساً بالتوافق مع حزب الله يحيلون الرئاسة إلى معادلة التوافق السوري السعودي ويتركون لبنان ينتظر هذه اللحظة، التي سوف يتبرأون منها عندما تحدث.
2023-02-22 | عدد القراءات 819