بوتين يُنجز الانسحاب من معاهدة ستارت… والناتو يتحدّث عن انضمام أوكرانيا لاحقاً / استعصاء قضائيّ في ملفات المصارف وخشية من جمود الادعاء على سلامة / عدوى الشلل تنتقل من التشريع إلى اللجان النيابية… وملامح انقسام طائفي /
كتب المحرّر السياسيّ
لا تزال موسكو وخصومها في حلف الناتو في مرحلة إحياء مرور سنة على بدء الحرب بمواقف تؤكد أن الاستقطاب العسكري لا يزال سيد الموقف، وأن معارك فاصلة لا بد منها لرسم صورة لموازين القوى تسقط تصورات ورهانات أحد الفريقين، وفيما تتحدّث موسكو عن انتصار وشيك في محور باخموت، تتحدّث كييف عن انتظار العتاد الغربي لشنّ الهجوم الموعود في جبهة خيرسون، وفي قلب هذا التجاذب وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوم انسحاب روسيا من معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، في خطوة تصعيدية نوعية بوجه واشنطن، بينما أعلن أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ في خطوة تصعيدية مقابلة عن نية ضمّ أوكرانيا الى حلف الناتو لاحقاً.
لبنانياً، تصدّر الملف القضائي واجهة الأحداث مع التعميم الذي أصدره مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات حول شروط تطبيق قانون رفع السرية المصرفية في التحقيقات الخاصة بالمصارف، ووجّه كتاباً للقاضية غادة عون يطلب منها وقف تحقيقاتها في ملف المصارف بانتظار البتّ بطلبات الرد الموجهة ضدها، وهو ما اعتبره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كافياً للتراجع عن طلبه من وزير الداخلية توجيه الأجهزة الأمنية بعدم مؤازرة القاضية عون وعدم تنفيذ تعليماتها، وأبدت مصادر حقوقية خشيتها من أن يدخل ملف التحقيقات في أوضاع المصارف ومخالفاتها والدعاوى المقامة بوجهها في حال جمود، وأن يكون الادعاء على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من قبل القاضي رجا حاموش، مدخلاً لهذا الجمود، فيبرر الادعاء كف الملاحقات ووقف التعاون مع القضاء الأوروبي باعتبار ان القضاء اللبناني وضع يده على ملف سلامة، وأن القضاء ليس مقصراً بحق المصرف المركزي والمصارف، ولا يمكن وضع كفّ يد القاضية عون في إطار تقديم الحماية من الملاحقة للمصارف.
نيابياً، تعطلت اجتماعات اللجان المشتركة مع اعتراض نواب كتل لبنان القوي والجمهورية القوية وحزب الكتائب على المرسوم الذي أحالته الحكومة، ومناقشة صلاحية حكومة تصريف الأعمال ورئيسها في مرحلة شغور رئاسة الجمهورية، والنقاش الذي اندلع في اللجان وبلغ حد الصراخ، وارتسمت معه أولى مؤشرات الانقسام الطائفي، بشّر بزمن تعطيل نيابي أبعد مدى من التشريع، وليس بعيداً عن القلق من الخيارات الرئاسية التي يعتقد البعض أنها تطبخ على نار هادئة وتشترك فيها قوى محلية وقوى إقليمية فتحت بينها قنوات التفاوض حديثاً.
بعدما مرّ قطوع جلسة مجلس الوزراء أمس الأول، بأجواء سياسية هادئة، اشتعلت الملفات والجبهات دفعة واحدة سياسياً وقضائياً واقتصادياً ومالياً لترسم مشهداً قاتماً يبشّر بانهيار كامل وشيك وانفجار اجتماعي وأمني قريب بظل ملامسة سعر صرف الدولار الـ 90 ألف ليرة واقترابه من رقم المئة ألف خلال أيام، كما توقع خبراء اقتصاديون.
وعادت الحرب القضائية – المصرفية الى الواجهة مسجلة تطورات جديدة تمثلت بإصدار المدعي العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات تعاميم وقرارات تكف يد المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن ملف الملاحقة القضائية للمصارف وآليات وسقف قانوني لتطبيق السرية المصرفية، ما شكل ضمانات ومظلة حماية قضائية للمصارف تقيها الملاحقات القضائية الداخلية على الأقل، وفق ما أشارت مصادر سياسية لـ«البناء».
إلا أن قرارات عويدات عمقت فجوة الانقسام ووسعت رقعة التشظي وبقعة الانشطار في المؤسسة القضائية، إذ جاءت تعاميم عويدات لترسم حدوداً للقاضية غادة عون، لكنها جاءت رداً عنيفاً على قرار مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والأعضاء الذين اجتمعوا منذ أيام وأصدروا بياناً ضد الكتب الذين وجهها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى وزير الداخلية والأجهزة الأمنية، وبالتالي تشكل رداً من ميقاتي على مجلس القضاء بعدما عاتبه ميقاتي على موقفه الأخير.
ووصفت المصادر السياسية لـ«البناء» ما يجري في ملف المصارف بالعصفورية القضائية، محذّرة من تداعيات هذا الانقسام على العدالة والانتظام القضائي العام وعلى الأمن والاستقرار في البلاد، بعدما أحدث ملف تحقيقات مرفأ بيروت انقساماً كبيراً بين أركان القضاء نفسه، ليأتي ملف المصارف ويقضي على ما تبقى من هيبة قضاء، إذ أن رئيس مجلس القضاء في مكان ومجلس القضاء منقسم بين تيارين ومدّعي عام التمييز في مكان آخر، وقاضي التحقيق في ملف المرفأ والمكفوف يده طارق بيطار يغني على ليلاه، فيما القاضية غادة عون تغرّد خارد السرب القضائي برمّته وتلاحق المصارف بمفردها، أما وزير العدل فينأى بنفسه عن كل ما يدور في العدلية مكتفياً بعقد الاجتماعات. وتوقعت المصادر مزيداً من الانقسام القضائي على وقع الانقسام السياسي وحرب المرجعيات السياسية لا سيما بين ميرنا الشالوحي من جهة وعين التينة والسراي الحكومي من جهة ثانية.
2023-03-01 | عدد القراءات 836